فيما وصف بانه أعنف قصف تتعرض له العاصمة السورية منذ بدء الاحتجاجات، قال ناشطون وشهود إن «أجواء الحرب تخيم على دمشق» بعدما هاجم الجيش السوري بالمدفعية وقذائف الهاون جنوبدمشق أمس، مشيرين الى ان طائرات هليكوبتر أطلقت ايضا صواريخ ونيران المدافع الآلية خلال هجوم شرس يهدف إلى إحكام السيطرة على مناطق ما زال مقاتلو المعارضة موجودين فيها. وأفاد ناشطون وشهود ان ما لا يقل عن 84 شخصا قتلوا امس خلال الهجمات على دمشق، غالبيتهم في حي كفر سوسة وداريا والقدم ونهر عائشة، إضافة الى قتلى في حلب ودرعا ودير الزور. يأتي ذلك فيما اعلن مقاتلو المعارضة السيطرة على مقرات امنية مهمة في منطقة البوكمال على الحدود العراقية، مشيرين إلى معارك شرسة مع قوات النظام. وعن الوضع الامني في دمشق، قال سكان إن الجيش السوري نشر دبابات على طريق دائري يحيط بدمشق وقصف أحياء جنوبية ينشط فيها مقاتلو المعارضة. وقالت مواطنة من سكان حي كفر سوسة: «دمشق كلها تهتز بأصوات القصف». وذكرت ان مدفعية الجيش المتمركزة على جبلي قاسيون والسرايا المطلين على دمشق فتحت نيرانها على العاصمة. وقال معاذ الشامي عضو مكتب اعلام دمشق ويضم مجموعة من المعارضين الشبان يراقبون الحملة التي تتعرض لها العاصمة السورية ان مقاتلي المعارضة الذين انسحبوا من المدينة خلال الحملة الشرسة التي شنها الجيش السوري الشهر الماضي بدأوا يعودون. وقال الشامي: «عادوا الى منازلهم او اختفوا في الحزام الاخضر الذي يلف دمشق». واستطرد: «لقد عادوا الان والنظام يرد بقصف يومي وهجمات الهليكوبتر. أجواء الحرب تخيم على دمشق» . وذكر نشطاء أن 22 شخصا على الأقل قتلوا في كفر سوسة إلى جانب 18 في حي نهر عائشة المجاور. وقال ناشطون من المعارضة إن القوات السورية قتلت صحافياً متعاطفاً مع الانتفاضة لدى مداهمتها حي نهر عائشة في دمشق امس. وأضافوا أن الجنود قتلوا الصحافي مصعب العودة الله الذي كان يعمل في صحيفة «تشرين» الحكومية رمياً بالرصاص من مسافة قريبة بعدما دخلوا منزله أثناء مداهمة منازل في الحي. وقال ناشط في المعارضة بكفر سوسة ذكر أن اسمه بسام ل «رويترز» عبر سكايب إنه يوجد 22 دبابة في كفر سوسة الآن ووراء كل منها 30 جنديا على الأقل وإنهم يداهمون منازل ويعدمون رجالا. واستخدم الجيش السوري الدبابات وطائرات الهليكوبتر الحربية هذا الأسبوع في هجوم حول العاصمة تزامن مع رحيل مراقبين عسكريين تابعين للأمم المتحدة بعد مهمة فاشلة. وقال نشطاء في ضاحية معضمية الشام بجنوب غرب دمشق إن قوات النظام قتلت 86 شخصا هناك منذ يوم الاثنين. ولم يرد على الفور تعقيب من الحكومة على أحدث قتال لكن التلفزيون الحكومي عرض لقطات لأسلحة قال إنه صادرها من مقاتلي المعارضة في معضمية الشام التي كانت واحدة من أولى المناطق التي تنضم للانتفاضة المستمرة منذ 17 شهراً. من ناحيته، قال المرصد السوري لحقوق الانسان ان 20 شخصاً قتلوا في اطلاق رصاص «خلال حملة عسكرية تنفذها القوات النظامية في حي كفرسوسة» في جنوب غرب دمشق. واشار الى ترافق الحملة مع «اشتباكات عنيفة في منطقة البساتين الواقعة بين حي كفرسوسة ومدينة داريا القريبة من العاصمة» تشارك فيها الطائرات الحوامة. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية ان «الجيش النظامي يحاول اقتحام منطقة البساتين مدعوما بالدبابات والآليات الثقيلة». وذكر المرصد ان حملة اعتقالات ودهم طالت ايضا حي نهر عيشة في جنوب العاصمة وترافقت مع اشتباكات على طريق دمشق درعا في حي القدم المجاور الذي تعرض للقصف، وان مواطنا قتل في اطلاق رصاص خلال حملة دهم في في حي جوبر (شرق) «بحثا عن مطلوبين للسلطات السورية». وكانت اشتباكات وقعت صباح امس في طريق المتحلق الجنوبي في منطقة اللوان (في جنوبدمشق) ومحيط مطار المزة العسكري غرب العاصمة. وانفجرت سيارة مفخخة بعد منتصف ليل الثلثاء - الاربعاء في حي دمر في دمشق اسفرت عن مقتل ثلاثة شبان كانوا يستقلونها، بحسب المرصد. أما في حلب فقد سمع مراسلو «رويترز» في المدينة أصداء أعيرة نارية وقذائف تنفجر كل دقيقة. وقال التلفزيون الحكومي إن القوات الحكومية تلاحق «فلول العصابات الإرهابية المسلحة». وقال المرصد السوري من ناحيته ان «احياء هنانو والشيخ خضر والصاخور وطريق الباب والشعار (في شرق المدينة) تعرضت للقصف من القوات النظامية» امس تزامن مع اشتباكات في حيي جمعية الزهراء والحمدانية (غرب). ويؤكد الطرفان انهما يحرزان تقدما على الارض في حلب. واشار المرصد الى «اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب الثائرة في محيط قاعدة الصواريخ في منطقة الشيخ سعيد» في ريف حلب، استخدمت فيها القوات النظامية الطائرات. وفي ريف حلب، تعرضت بلدات عندان وحريتان وكفرحمرة للقصف من قبل القوات النظامية، كما دارت اشتباكات عنيفة في محيط قاعدة الصواريخ بمنطقة الشيخ سعيد «استخدمت على اثرها القوات النظامية الطائرات باستهداف المهاجمين وقصف المنطقة المحيطة للقاعدة». وفي جنوب البلاد، تتعرض قرى وبلدات ومدن في ريف درعا لقصف عنيف من قبل القوات النظامية حيث سجل انقطاع التيار الكهربائي عن اجزاء شاسعة من المحافظة ووردت معلومات اولية عن تهدم في المنازل بالمناطق. وشهدت بلدة الحولة التابعة لريف حمص (وسط) قصفا عنيفا بالهاون والصواريخ. في موازة ذلك، قال مسؤول عراقي وقائد لمقاتلي المعارضة السورية إن القوات النظامية اشتبكت مع مقاتلي المعارضة أمس للسيطرة على قاعدة عسكرية ومطار قرب بلدة البوكمال الشرقية على الحدود العراقية. وقال فرحان فتيحان رئيس بلدية القائم بالعراق ل «رويترز»: «هناك قتال عنيف بين الجيش السوري الحر وحرس الحدود السوري للسيطرة على القاعدة حيث تستخدم الدبابات والمدفعية في القصف». وأضاف في اتصال تليفوني: «معظم مناطق البوكمال في أيدي الجيش السوري الحر لكن يجري نشر قوات من الجيش النظامي السوري تبسط سيطرتها على المناطق الواقعة خارج البوكمال مباشرة». وقال قائد لمقاتلي المعارضة السورية ل «رويترز» في اتصال هاتفي عبر الأقمار الاصطناعية إن المقاتلين يسيطرون الآن على البوكمال التي تقع على طريق إمداد من العراق. وقال القائد أبو خالد إن الجيش السوري لا يسيطر الآن إلا على القاعدة العسكرية والمنطقة المحيطة بها. من ناحية أخرى ذكرت مصادر في المعارضة أن القوات النظامية أخلت منشأتين أمنيتين في البوكمال على الحدود العراقية مع تحقيق مقاتلي المعارضة مكاسب في المنطقة المهمة استراتيجيا بعد اسبوع من القتال العنيف. وقال نشطاء ومسؤول من الجيش السوري الحر إن قوات الأمن انسحبت من مجمعي مخابرات سلاح الطيران والأمن السياسي في البلدة الواقعة على مسافة 120 كيلومترا إلى الجنوب الشرقي من مدينة دير الزور. وقال أبو محمود أحد القادة العسكريين لمقاتلي المعارضة بالهاتف عبر الأقمار الصناعية من البلدة: «ما زال للنظام مجمع للمخابرات العسكرية ومطار البوكمال. وسقوط هذا المجمع مسألة وقت إن آجلا أو عاجلا. والمطار أصعب». وقال مهيمن الرميض المنسق العسكري لجبهة ثوار سورية ان البوكمال سقطت فعليا لكن قوات النظام ما زالت تقصف البلدة من قاعدة لحرس الحدود تبعد بضعة كيلومترات. وأضاف الرميض قوله ان المعبر الحدودي مع العراق الذي أغلقته السلطات العراقية من جانبها اصبح تحت سيطرة المعارضة منذ بضعة اسابيع. وقال: «تعني السيطرة على البوكمال تضييق خطوط إمداد النظام من العراق وفي الوقت نفسه تحسين الامكانات اللوجستية للمعارضة من خلال اتصال مفتوح مع القبائل العراقية على الجانب الآخر من الحدود». وبلدة البوكمال مثل باقي محافظة دير الزور الشرقية بلدة للمسلمين السنّة ذات صلات عائلية وعشائرية بمعقل السنّة في العراق. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 250 شخصا منهم 171 مدنيا قتلوا في أنحاء سورية أول من أمس، غالبيتهم حول دمشق وحلب ومدينة درعا في الجنوب.