كل مجتمع مدني تؤطره أنظمة وحقوق تصحح تصرفات أفراده لتسير الحياة بشكل منتظم، إذ لا يمكن في عرف العقلاء لأي إنسان أن يعيش على أرض دولة ما لم يتقيد بأنظمتها، وإلا أصبح عرضة لتطبيق العقوبة بحقه. وقد اتفقت جميع الدساتير على نشر أنظمتها وقوانينها لكل مواطن ومقيم على أرض تلك الدولة، ليتوفر بذلك ركن الشرعية في إقامة العقوبة في حق المخالف، ويبقى الدور على ذلك الإنسان في معرفة حقوقه وواجباته من خلال اطلاعه على الأنظمة التي تتقاطع مع ظروف حياته، ولكن في ظل تجاهل الكثير من مواطني هذا البلد لمعرفة هذه الأنظمة وتقاعسهم عن قراءتها يبقى شيء من المسؤولية على بعض الجهات الحكومية والجمعيات الحقوقية في تعريف المواطن بأهمية هذه الحقوق، ثم العمل على شرحها لتصبح حياتنا متوافقة معها. تقف وزارة التربية والتعليم، بصفتها العمود الفقري في عملية الرقي بوعي المواطنين، على رأس الهرم فيما يتعلق بالتعريف بأهمية الأنظمة واحترامها والأخذ بها وشرحها بشكل مفصل، لا سيما في ما يخص الأنظمة الأمنية والأسرية كمادة دراسية على غرار التربية الوطنية، ولعل الهدف الأسمى في ذلك زرع ثقافة التقيد بالأنظمة ومعانقتها وتطبيقها. كما أن الهيئات والجمعيات الحقوقية يعنيها تقديم الأنظمة للمواطن بشكل مبسط وسهل من خلال المحاضرات والندوات وعقد ورش العمل في أوساط الشرائح المختلفة للمجتمع، والتعريف بوسائل التواصل معهم في أماكن متعددة وتقديم الأنظمة مطبوعة لجمهور الناس. وإذا كان من دور للإعلام بمختلف وسائله في نشر الثقافة الحقوقية بين المواطنين فإن أهم ما ينبغي فعله هو التأكيد على ضرورة المعرفة والتوعية بالحقوق والواجبات، ومراجعتها ونقدها إن استلزم الأمر. إن الكثير من قضايا العنف والتحرش - كان آخرها الزوجة المعنفة في خميس مشيط - تظهر فيها أمية الكثير من الناس بالأنظمة وثقافة الاتصال بالهيئات والجمعيات الحقوقية لانتشالهم من مستنقع الظلم، هو ما ينعكس بالسلب على ضحايا العنف. أتمنى على الوزارات تقديم أنظمتها والتعاميم الخاصة بها للمواطن بطريقة سلسة، على أقل تقدير طرحها بمواقعها الإلكترونية.