ما بين ساعة وساعة تشغل الرأي العام قصص تتداعى عن نساء وأطفالٍ وحتى كبار في السن تعرضوا إلى تعنيف ومخاشنة وأذى بدني ونفسي يصل حد التنكيل والتعذيب بصورة تخرج أبطالها من إطار الإنسانية إلى إنسان الغاب. تتوالى القصص لتعلن دخول قضايا تعنيف الأطفال دائرة قريبة من الظاهرة ولن يكون الخروج منها إلا بخط مستقيم يحفه قانون يطبق بصرامة على الجناة المتجاوزين .. في وسط فيه قضايا العنف أكثر بكثير عما نقرأه في الصحف ونشاهده على شاشات التلفزة. لم تهدأ الضجة بعد أثر التعنيف القاسي الذي تعرضت له الطفلة (لمى) من والدها الذي أذاقها القسوة وصنوف العذاب، ما يشير إلى أن التعنيف يحدث من مختلف شرائح المجتمع مهما كان مستواها الفكري، كما يشير في ذات الوقت إلى ضرورة العمل على فتح قنوات اتصال مترابطة بين مؤسسات المجتمع لحسم الجدل حول القضية التي باتت وسائل الإعلام تتناقلها بصورة مكثفة و(محيرة). المصحة أو الأمل في لجنة الحماية التي يرأسها مدير الشؤون الاجتماعية هناك أعضاء من أغلب الإدارات الحكومية مثل المحافظة، الشرطة والمحكمة وحتى إدارة التربية والتعليم إلى جانب مستشفيات. ويقول مدير الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة عبدالله آل طاوي: إن اللجنة تضم أيضا عددا من الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين على درجة عالية من الكفاءة، يتابعون مختلف الحالات التي تصل إليهم. وحين وصول بلاغ التعنيف من الشرطة أو المستشفى تتولى لجنة الحماية دراسة حالة المعنف كما تتم دراسة حالة الفاعل العنيف. وتعمل اللجنة على معرفة ظروف التعنيف ودوافعه والتوصل إلى حقيقة قواه العقلية وإن ثبت مرض الفاعل أحيل إلى مستشفى الصحة النفسية. وإن تبين أن الجاني مدمن مخدرات يحال إلى مستشفى الأمل. آل طاوي قال: إن لجنة إصلاح ذات البين قد تتدخل في بعض الحالات لحل بعض الأمور. مؤكدا وجود برامج توعية وقنوات اتصال بين وزارة الصحة وإدارات التعليم تهدف إلى تنظيم جولات ميدانية لشرح قضايا العنف والطرق المناسبة في علاجها. أسرة بلا عنف تعنى جمعية حماية الأسر بكافة قضايا العنف الأسري، لكن ذلك لا يعني حتمية حدوث التحرش الجنسي والعنف الجسدي بل يتعدى ذلك إلى أي أمر يعيق استمرار الأسرة بشكل طبيعي. وتشرح رئيسة جمعية حماية الأسرة في جدة سميرة الغامدي دور الجمعية وتقول إنه لا ينحصر في معرفة الحالات المعنفة بل تعمل على إعداد برامج ودورات تدريبية حتى للأشخاص العاديين في المجتمع، مثل التعريف بكيفية التعامل مع الزوج إضافة إلى معرفة حقوق المرأة عند زواجها أو طلاقها وواجباتها. وزادت الغامدي: إن الجمعية تهدف إلى خلق أسرة بلا عنف وطفولة آمنة، ودشنت الجمعية برنامجا يسعى إلى تمكين المرأة اقتصاديا ومساعدتها لتكوين هوية تستطيع بها التعامل مع مختلف قضاياها والإلمام بأدق تفاصيل مشكلاتها، مؤكدة بأن الجمعية تعد برامج حقوقية وعلاجية مختلفة تهتم بتأهيل المرأة اجتماعيا لتتعامل بمعرفة أكبر مع ما يستجد عليها من أحداث. شراكة ومسؤولية ممتدة الغامدي أبانت أن حالات التعنيف التي تصل للجمعية يتم توجيهها بما يلزم باعتبار الجمعية جهة غير تنفيذية فيتم رفع الملف إلى الشؤون الاجتماعية أو المساعدة بتوكيل محام أو عمل بحث اجتماعي للمستفيدات من الجمعية، مشيرة إلى أن الأرقام والإحصائيات عن حالات التعنيف غير متوافرة بشكل دقيق وأن الأرقام المعلنة لا تمثل الحقيقة، لأن الحالات التي تخرج للإعلام أقل بكثير مما هو في الخفاء. وتمنت الغامدي إصدار قانون ينهي المسألة بعد انتظار سنوات، كما حثت على ضرورة إدخال بعض الدروس في المناهج الدراسية، لأن ذلك من شأنه المساهمة في رفع مستوى الوعي خاصة حينما تكون الفئة المستهدفة صغيرة. وانتهت رئيسة جمعية حماية الأسرة إلى أن الشراكات موجودة مع عدة قطاعات حكومية مثل وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم والجمعيات الأخرى مثل حقوق الإنسان. لافتة إلى أن الكثير من المحاضرات وجدت تجاوبا كبيرا في عدد من المناطق مثلما حدث في إحدى المدارس التي بدأت حملة تحت عنوان «مدرسة بلا عنف». الشورى وحقوق الإنسان المتحدث الرسمي في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور صالح الخثلان أشار إلى إنشاء هيئة وطنية مستقلة للحماية من الإيذاء معززة بموارد بشرية وكوادر مدربة لتقديم الخدمات فيما يتعلق بقضايا العنف. مضيفا بأن العنف وصل إلى مرحلة خطيرة تستوجب سن قوانين خاصة لإيقاف تزايد حالات التعنيف والضرب بقوة على أيدي الجناة والأخذ بيد الضحايا. وقال الخثلان: «نسمع في فترات متقاربة عن وفاة طفلة أو امرأة بسبب التعنيف الجسدي .. هذا مؤشر خطير وحان الوقت لتطبيق قوانين رادعة تحمي ضحايا العنف في المجتمع». إلى ذلك، أوضح عضو مجلس الشورى الدكتور مشعل العلي أن المجلس درس مشروعا متكاملا عن العنف وتم التصويت عليه في المجلس. وأضاف بأن الدراسة ناقشت العنف بشكل عام إن كان ضد المرأة والطفل أو الرجل، ويدخل في ذلك كل ما يتعلق بالإيذاء جسديا أو نفسيا. وأشار إلى أن هناك قضاء شرعي يأخذ للمرأة أو الطفل الحق، حاثا على ضرورة تفعيل بعض الأنظمة في هذا الشأن بحيث تقضي على هذه الممارسات اللا إنسانية. المغردون والعنف الأسري شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حراكا كبيرا بشأن قضايا العنف ضد المرأة والطفل، وطالبت بعض المواقع عبر كتابها الهواة والمحترفين بسن قوانين صارمة. وكان التفاعل الأكبر في قضية الطفلة (لمى) التي رحلت عن الدنيا بعد التعنيف الذي تعرضت له من والدها. وأنشأ المغردون (هاشتاق) لمناقشة الأحداث المختلفة التي شغلت الرأي العام، وطرحوا الوسائل التي من الممكن الاستفادة منها للتقليل من الظاهرة. وطالب بعض المغردين بضرورة تطبيق النظام على كل من يتورط في التعنيف أو إصدار قوانين مكتوبة تحدد بشكل دقيق كل قضية والعقوبة المقررة عليها، وكتب الناشط في تويتر خالد عسيري عن عقوبة الفاعل العنيف وأضاف أنه لم ير حتى الآن عقوبة طبقت على أي متورط في العنف. وتمنى المغرد خالد الثبيتي في تغريدة له أن تكون العقوبات مناصفة باعتبار التعنيف كذلك يقع على الرجل مثلما المرأة مستغربا من عدم صدور أي تنظيم يحمي المجتمع من أشكال العنف. بينما كتبت مهاوي الحسين أن دور الرعاية امتلأت بالمعنفات، ورأت ضرورة التفاعل والوصول إلى حل تبدأ من خلاله مرحلة جديدة من الشفافية ووضوح الحقوق والواجبات. أستاذ الإعلام والاتصال في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حسان بصفر حث على ضرورة تكثيف الحملات التوعوية في هذا الجانب وأن تكون مستمرة طوال العام وألا ترتبط الحملة بحوادث أو وقائع طارئة ومحددة. مقترحا إقامة فعالية يشارك بها نخبة من المفكرين والأخصائيين يبدأون في طرح الواقع الاجتماعي الحالي لتكون بداية للاعتراف بالمشكلة.