استنفرت عملية نقل 100 معاق من المدينةالمنورة إلى تبوك، الجهات المختصة في المدينتين، تحسبا لأي أخطاء محتملة كالتي جرت عند نقلهم من الثانية إلى الأولى وتسببت في إصابات ووفيات. ويمثل المعاقون الدفعة الأولى للنزلاء الذين تم نقلهم إلى تبوك بعد استكمال التجهيزات لمبنى التأهيل الشامل، بطائرة خاصة من نوع "جامبو 747"، فيما ينتظر أن تتبعها دفعة ثانية من 132 معاقا. وأشرف فريق حكومي متكامل من وزارتي (الشؤون الاجتماعية والصحة)، إلى جانب الهلال الأحمر والشرطة والطيران المدني، على عملية نقل النزلاء إلى مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينةالمنورة، مرورا بإركابهم الطائرة الخاصة، حتى حطت رحالها في مطار تبوك. عودة النزلاء إلى تبوك جاءت بعد أن قررت وزارة الشؤون الاجتماعية نقلهم إلى المدينةالمنورة في وقت سابق، نتيجة لعدم تأهيل المبنى الخاص باحتضانهم، وهي العملية التي اعتراها الكثير من الأخطاء. في موكب من 3 دوريات ونحو 15 سيارة إسعاف، انطلقت الدفعة الأولى من "نزلاء تبوك" أمس، من مركز التأهيل الشامل بالمدينةالمنورة إلى مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي، ليستقلوا الطائرة الخاصة، أمس، لنقلهم إلى تبوك. ومع ساعات الصباح الأولى بدأ فريق من وزارة الشؤون الاجتماعية، والصحة، والهلال الأحمر، والشرطة، والطيران المدني، في تنفيذ عملية نقل نحو 100 معاق، بمرافقة موكب لسيارات الإخلاء والإسعاف، من مقر مركز التأهيل الشامل جنوبالمدينةالمنورة، حيث تم نقلهم إلى طائرة من نوع "جامبو 747" مجهزة بالأدوات الطبية. وحملت الطائرة الخاصة فريقا من وزارة الشؤون الاجتماعية برئاسة المدير العام للإدارة الطبية في وزارة الشؤون الاجتماعية، وعددا من قياديي إدارات الشؤون الاجتماعية في منطقتي المدينةالمنورةوتبوك، وذلك بعدما انتهى الوضع الاستثنائي لاستضافتهم في المدينةالمنورة، باستكمال تجهيز مبنى التأهيل الشامل في تبوك. ومن جانب آخر، تسببت ردود الفعل حول سوء عملية نقل النزلاء من تبوك إلى المدينة العام الماضي، في قيام سبعة من ذوي النزلاء بالتوافد على مركز التأهيل الشامل في المدينةالمنورة، بعد أن سمعوا بعملية ترحيل ذويهم إلى تأهيل تبوك من خلال وسائل الإعلام، وطلبوا السماح لهم بنقل ذويهم بوسائلهم الخاصة؛ إلا أن محاولات الإقناع التي بذلها منسوبو مركز التأهيل أعادت الثقة للأهالي في إجراءات وزارة الشؤون الاجتماعية، وأقنعت 5 منهم بالعدول عن الفكرة في حين أصر ذوو اثنين على نقلهما على مسؤوليتهم وبسياراتهم الخاصة إلى مركز التأهيل الشامل في تبوك. وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية قد كونت لجنة إدارية وطبية لدراسة وتنفيذ نقل وترحيل نزلاء تبوك، وأكدت مصادر مطلعة "للوطن" أن وزارة الشؤون الاجتماعية استدعت أكثر من 15 موظفاً بمركز تأهيل تبوك، للمشاركة في ترحيل النزلاء. وأكد مدير مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينةالمنورة المهندس عبدالفتاح عطا، أن اجتماعا عقد الأربعاء الماضي لدراسة تنفيذ ترحيل المعاقين بطائرة تابعة للأسطول الملكي الخاص ذات تجهيز طبي عال، مشيراً إلى أن الدفعة الأخيرة ستكون خلال الأسبوعين القادمين. ووصل نزلاء تبوك أمس، إلى مطار الأمير سلطان بن عبدالعزيز بتبوك الساعة 1:45 مساء بعدما كان مقرراً وصولها الساعة 9 صباحا، وكان على متنها مدير عام الإدارة الطبية في وزارة الشؤون الاجتماعية طلعت وزنة، ومدير عام مراكز التأهيل الشامل ناصر بن حمد المالك، وعدد من مسؤولي وزارة الشؤون الاجتماعية، والكادر الطبي المرافق للنزلاء. وشهدت ساحة مطار الأمير سلطان استنفاراً كبيراً من قبل الجهات الحكومية ذات العلاقة، بهدف تسخير كل إمكاناتها لتسهيل عملية نقل المعاقين من المطار إلى مركزهم الجديد في تبوك، حيث تم تجهيز حوالي 20 سيارة إسعاف يعمل بها 40 مسعفاً، تمثل قطاعات هيئة الهلال الأحمر السعودي، وإدارة الطوارئ والأزمات بمديرية الشؤون الصحية بتبوك، فيما قامت الشؤون الاجتماعية بتوفير نحو 9 باصات لنقل الحالات البسيطة، إضافة لعدد من الشاحنات الصغيرة لنقل العفش الخاص بالنزلاء، كما قام موظفو مركز التأهيل بتبوك باستقبال النزلاء بالحلوى والورود. وأوضح مدير مركز التأهيل الشامل في تبوك أسعد أبو هاشم في حديثه إلى"الوطن"، أن عملية النقل تم الاستعداد لها جيداً منذ صدور الموافقة بنقل نزلاء تبوك من المدينة إلى المركز البديل في تبوك، مشيراً إلى أنه تم التنسيق مع إدارة المطار، ومرور المنطقة، والشؤون الصحية، والهلال الأحمر، وقال أبو هاشم " تواصلنا مع إدارة مرور المنطقة لتوفير الدوريات الكافية سواء في المطار أو طريق السير، بهدف تأمين حركة السير ليصل النزلاء بشكل آمن وسريع إلى المركز". وفي سؤال ل "الوطن" حول مبنى مركز التأهيل السابق الذي سبب المشكلة نتيجة التصدعات التي طرأت عليه، رد أبو هاشم قائلاً " قامت الوزارة بتكليف عدد من اللجان الهندسية والاستشارية، التي عملت على زيارة المبنى ورفع التقارير حوله لتحديد أسباب المشكلة سواء كانت هندسية أو تشغيلية"، وزاد " لا نعلم عن نتائج تلك التقارير"، لافتاً إلى أن المعني بالإجابة وزارة الشؤون الاجتماعية. وأبان أبو هاشم أن نزلاء تبوك بعد عودتهم سيتم وضعهم في المركز البديل "دار الرعاية الاجتماعية" الذي تم تجهيزه وإعداده بشكل مناسب، حيث قال "لكون المبنى تابع للوزارة وشبه ملائم فقد وجه أمير منطقة تبوك الأمير فهد بن سلطان، بنقل النزلاء من المدينة إليه"، مشيراً إلى أنه تم عمل العديد من التعديلات الإنشائية في المبنى ليكون مناسباً لفئة "المعاقين"، مؤكداً على أنه أصبح مناسباً لخدمة النزلاء بعد عودتهم. مأساة "النزلاء".. إفرازات "مقاول" تبوك: عبدالقادر عياد أغلق ملف "نزلاء تأهيل تبوك" اليوم بعد عودتهم إلى تبوك، بعد أن فقدوا في رحلتهم إلى "تأهيل المدينةالمنورة" خلال عام، نحو تسعة من رفاقهم، تباينت حيثيات وفاتهم بين حوادث داخل المركز، وأخرى خارجه، وربما قاسمها المشترك "الإهمال" أو "سوء الرعاية". آخر المتوفين مات مختنقا ب"قفازات بلاستيكية" تركت بالقرب منه في "5 نوفمبر" واتهم ولي أمره "مركز تأهيل المدينةالمنورة" بالإهمال ومحاولة إخفاء سبب وفاته، متوعدا بملاحقة المتسببين قضائيا؛ فيما مات آخر في أحد الشوارع القريبة من المركز، بعد أن خرج من البوابة الخلفية في "26 مايو" حين غابت عين الرقابة ومعها الرعاية، حيث أحالت شرطة المدينة قضيته للادعاء العام، بينما شملت الوفيات نحو سبعة آخرين في حوادث متفرقة ومضاعفات صحية. القضية التي تنامت أحداثها ككرة ثلج، بدأت بمقاول لم يحسن عمله في إنشاء مبنى مركز التأهيل الشامل بتبوك، حيث ظهرت التصدعات على المبنى الجديد والذي لم يمض على استلامه عام ونصف العام، مما دعا إلى إخلائه من النزلاء في "29 أبريل" ونقلهم إلى مركز تأهيل المدينةالمنورة برا عبر سيارات إسعاف وباصات نقل جماعي، لتبدأ فصول قضية "نزلاء تبوك" وتساقط الوفيات، حيث اعترف حينها مدير تأهيل تبوك أسعد أبو هاشم ل"الوطن" بوجود تصدعات في المبنى الجديد الأمر الذي اضطرهم إلى نقل النزلاء إلى المدينةالمنورة. ومع تزايد وتيرة الحوادث، بدأ تأهيل المدينة وتأهيل تبوك في تقاذف المسؤولية حول الأسباب، حيث دافع مركز تبوك عن موقفه في قضية وفاة النزلاء المرحلين إلى مركز تأهيل المدينة "31 مايو" وبرأ ساحته من التسبب في حالات الوفاة، مؤكدا أنه تم تسليم النزلاء وهم بصحة جيدة، فيما أشارت مصادر تحدثت إلى "الوطن" من تأهيل المدينة إلى أن ذلك يعود إلى مضاعفات عملية نقلهم برا إلى المدينة، وأن عدد الموظفين الذين قدموا مع نزلاء تبوك المرحلين إلى المدينة لا يتجاوز ثلاثة "أخصائي، ممرض، ومراقب"، الأمر الذي دفعهم عقب تسجيل حالة الوفاة السابعة إلى الاستعانة بخمسة موظفين لسد العجز. وفيما نقلت تقارير صحفية ملاحقة الشؤون الاجتماعية لمقاول مركز التأهيل الشامل بتبوك قانونيا، إضافة إلى ملاحقة المكتب المشرف فنيا وهندسيا، وهو ما ورد على لسان وكيل الوزارة المساعد للرعاية الاجتماعية إبراهيم عبدالله المجلي، أكد مدير تأهيل تبوك أسعد أبو هاشم أن الوزارة كلفت عددا من اللجان الهندسية والاستشارية، والتي عملت على زيارة المبنى ورفع التقارير حوله لتحديد سبب المشكلة.