انهمك سكان نيويورك أمس في العمل على إعادة الكهرباء وإزالة الركام الناجم عن الإعصار ساندي الذي خلف دمارا في مناطق بأكملها على مساره انطلاقا من جزر الكاريبي إلى كندا، وأوقع 110 قتلى على الأقل، فيما بقي الملايين من دون كهرباء وسط اضطرابات في وسائل النقل العام وشح المواد الغذائية وتعطل شبكة أنفاق نيويورك، فيما كشفت التقديرات الأولية لشركات قطاع التأمين عن خسائر أولية تتراوح بين 10 و20 مليار دولار. وما زالت العاصفة العاتية التي صاحبتها رياح قوية ومد بحري مدمر في منطقة شاسعة من الساحل الشرقي الأميركي تثير عواصف ثلجية تضرب بقوة مناطق ولاية فيرجينيا الغربية وولايات جبال الألباش الأميركية المجاورة. وقالت مصلحة الأرصاد الجوية الأميركية: إنه تم تسجيل تساقط للثلوج بمعدل 30 سنتيمتراً أو أكثر في مرتفعات فيرجينيا المنخفضة، في حين بلغ معدل تساقط الثلوج في المرتفعات الجبلية الأعلى أكثر من 60 سنتيمتراً. وأوضحت أن تحذيرها من العواصف الثلجية الموجه لأكثر من 12 مقاطعة مستمر. ملايين بلا كهرباء وفيما انقطعت الكهرباء عن أكثر من ثمانية ملايين منزل ومكان عمل من ولايتي كارولاينا الشمالية والجنوبية بحسب وزارة الطاقة، تزايدت الانقطاعات مع مواصلة العاصفة المروعة تقدمها غربا نحو البحيرات الكبرى، بينما أفادت السلطات بأن التيار الكهربائي انقطع عما لا يقل عن 236 ألف مستهلك في فيرجينيا الغربية أمس. وبين حاكم الولاية إيرل تومبلين أن أسطح ما لا يقل عن ثلاثة منازل انهارت تحت وطأة الثلوج الكثيفة المتساقطة، ولكن لم ينجم عنها حدوث إصابات. وحث تومبلين السكان على البقاء بعيداً عن الطرق لمنع وقوع الحوادث والسماح لفرق الحرس الوطني والطرق السريعة والغابات من إزالة الأشجار المتساقطة وإصلاح المرافق. خسائر بشرية ومادية وارتفع عدد القتلى بسبب حوادث مرتبطة بالعاصفة إلى 43 في أميركا الشمالية منذ وصول ساندي إلى اليابسة الاثنين الماضي، كما قتل 67 شخصا في أثناء وجوده في منطقة الكاريبي. وفي منطقة بريزي بوينت الساحلية في حي كوينز دمر أكثر من 80 منزلا بحريق نجم عن الأمطار الغزيرة، فيما غرقت منطقة مانهاتن السفلى التي تشمل ناطحات سحاب الحي المالي الشهيرة في ظلام دامس. وما زال نظام الأنفاق النيويوركي الذي غمرته مياه الفيضانات يعاني مما اعتبرته إدارته أسوأ كارثة في تاريخه منذ إنشائه قبل 108 أعوام. ومع صباح أمس تكشفت مشاهد مروعة للدمار الذي ألحقته العاصفة، حيث حط قارب على سكة للحديد في ولاية نيويورك وعامت السيارات وكأنها سدادات فلين في مرائب مدينة نيويورك، فيما احترق أحد أحياء كوينز بالكامل. وتجاهد السلطات في كبرى المدن الأميركية من أجل إعادة الخدمات الحيوية وإزالة الركام بعد تدفق كميات هائلة من مياه البحر إلى الطرقات وأنفاق القطارات واشتعال الحرائق الهائلة. وقال رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرغ للصحافيين إن "إعادة الكهرباء والنقل العام إلى حركتهما المعهودة تطرح التحدي الأكبر في الأيام المقبلة"، فيما بدأت فرق الإنقاذ والأشغال العامة تعمل وسط مشهد دمار هائل. وبقيت ثلاثة من المفاعلات النووية الأميركية مغلقة فيما أعلنت حال الإنذار القصوى في مفاعل رابع بعد إتلاف الفيضانات والأمطار شبكات النقل وأنظمة التبريد. فبالرغم من المخاوف من احتمال اجتياح المياه للمفاعلات على غرار كارثة فوكوشيما النووية في العام الفائت شددت السلطات على أنها لا تشكل خطرا على الناس. خسائر شركات التأمين ضخامة الإعصار ساندي تجعل من الصعب تقييم الأضرار بدقة في شمال شرق الولاياتالمتحدة لكن مروره قد لا يترك سوى إثر محدود على الاقتصاد في البلاد رغم الدمار الكبير وتوقف الأنشطة التي تسبب بها. وفقاً لما أكده المكتب الاستشاري لإدارة الكوارث "ايكيكات" أمس، وهو أن الأضرار الناجمة عن الإعصار يتوقع أن تتراوح ما بين 10 و 20 مليار دولار وتتولى نصفها شركات التأمين. وأعلن رئيس المكتب بيل كيوغ على شبكة بلومبرغ التلفزيونية أن هذا التقدير هو نتيجة أولية لكن التقييم الفعلي للأضرار الناجمة عن الرياح والفيضانات وكذلك إغلاق الشركات قد يستغرق "وقتا". وأضاف "يبدو أن خسائر الإعصار ساندي ستكون بين 10 و15 أكثر عواصف مدمرة" التي شهدتها الولاياتالمتحدة. من جهته قدم مكتب "ايه اي ار وورلد ووايد" تقييما للأضرار لكن أيضا نتيجة وضع نماذج أولية، معتبرا أن الكلفة الإجمالية للإعصار بالنسبة لشركات التامين يتوقع أن تتراوح بين 7 و 15 مليار دولار. إلغاء رحلات الطيران وألغت خطوط الطيران الأميركية أمس 2800 رحلة طيران بسبب ما خلفه الإعصار من دمار ليرتفع بذلك عدد الرحلات التي تم إلغاؤها هذا الأسبوع إلى 19500 رحلة بحسب موقع "فلايت اوير دوت كوم". وكانت أكثر المطارات تأثرا بالإعصار في مدن نيويورك وفلادلفيا وبوسطن وواشنطن؛ حيث لم تعد تعمل في معظم هذه المطارات سوى بعض الخدمات الجزئية.