أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن أخطار الإعصار «ساندي» الذي ضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة الاثنين الماضي «لم تنته»، متعهداً أن تبذل إدارته كل ما في وسعها لمساعدة السلطات المحلية على مواجهة الأضرار. وهو زار نيوجرسي (شرق)، إحدى الولايات الأكثر تضرراً من الإعصار الذي حصد 43 قتيلاً في البلاد وكندا، وتحدث برفقة حاكم الولاية كريس كريستي، المناصر لخصمه الجمهوري في الانتخابات الرئاسية ميت رومني، إلى السكان وشكر أفراد أجهزة الطوارئ. أما رومني فاستأنف حملته في فلوريدا (جنوب شرق) قبل أيام من الاقتراع المقرر الثلثاء المقبل، لكنه حرض على تحويل اجتماع انتخابي في أوهايو (شمال) أول من أمس إلى تجمع لمساعدة المنكوبين بالإعصار عبر جمع مواد غذائية خلاله من أجل نقلها إلى سكان الساحل الشرقي. وأفاد إحصاء أجراه باحثون في جامعة جورج ميسون قرب واشنطن بأن أكثر من 17 مليون أميركي أدلوا بأصواتهم في الاقتراع المبكر حتى الآن، فيما كشف استطلاع للرأي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» وشبكة «سي بي أس» تقدم أوباما بفارق نقطة واحدة فقط على رومني في الأسبوع الأخير من الانتخابات (48 مقابل 47 في المئة لرومني). واعتبر مزيد من الناخبين أن رومني أقوى لإدارة الاقتصاد، بينما يوفر أوباما حماية أفضل للطبقة الوسطى. وقال أوباما في مقر الصليب الأحمر الأميركي في واشنطن: «لا تزال العاصفة تتجه شمالاً وتثير عواصف ثلجية في جبال الأباش، حيث يمكن أن تتضرر مجتمعات، لذا أؤكد أن أخطار الفيضانات وانقطاع الكهرباء وهبوب رياح عاتية لا تزال قائمة، ومن المهم أن يستمر الناس في متابعة الوضع، والاستماع إلى ما يقوله مسؤولو الولايات واتباع التعليمات». ونقل مساعد لأوباما عنه قوله لفريق التعامل مع الكارثة الذي شكله في غرفة الأزمة بالبيت الأبيض: «أريد أن يشير الجميع إلى جهودنا، وألا أسمع أننا لم نفعل شيئاً بسبب البيروقراطية». وبقي حوالى 7400 عنصر من الحرس الوطني متأهبين في 11 ولاية لتنفيذ أعمال الإغاثة، علماً أن أوباما يسعى إلى التصرف من موقع القائد في مواجهة العاصفة من أجل تجنب تكرار خطأ سلفه جورج بوش الذي انطبعت ولايته بضعف رده على إعصار «كاترينا» عام 2005. تحديات نيويورك في غضون ذلك، انهمك سكان نيويورك في العمل على إعادة الكهرباء وإزالة الركام الناجم من تدفق كميات هائلة من مياه البحر إلى الطرقات وأنفاق القطارات والحرائق الهائلة. وصرح رئيس بلدية نيويورك، مايكل بلومبرغ، بأن «إعادة الكهرباء والنقل العام إلى حركته المعهودة يمثلان التحدي الأكبر في الأيام المقبلة»، وزاد: «انتهى التدمير، ونأمل ببدء التحسن من الآن وصاعداً». وفيما ظهرت مشاهد مروعة للدمار الذي ألحقته العاصفة، حيث حط قارب على سكة حديد في نيويورك، وعامت السيارات في المرائب، واحترق حي كامل في كوينز، وصف بلومبرغ المشهد بأنه «مثل الصور التي شاهدناها لنهاية الحرب العالمية الثانية»، وأضاف: «سويت مناطق كلها بالأرض. ولم يبقَ من منازل كثيرة إلا مداخن وأساسات». ولا تزال قطارات المترو والباصات متوقفة لليوم الثالث على التوالي، بينما تواجه مئات آلاف المنازل إمكان البقاء من دون تيار كهربائي لمدة قد تصل إلى أسبوع، بحسب شركة الكهرباء. وأعيد افتتاح مطار جون كينيدي أمام حركة الملاحة، لكن باقي المطارات الكبرى تعاني من فيضانات أو أضرار. كما أعيد افتتاح بورصة نيويورك. وعموماً، انقطعت الكهرباء عن أكثر من 8 ملايين منزل ومقر عمل من ولايتي كارولاينا الشمالية والجنوبية إلى ماين، وبقيت 3 مفاعلات نووية مغلقة، مع إعلان حال الإنذار القصوى في مفاعل رابع، بعدما أتلفت الفيضانات والأمطار شبكات النقل وأنظمة التبريد. وفي ظل المخاوف من احتمال اجتياح المياه للمفاعلات على غرار كارثة فوكوشيما النووية العام الماضي، شددت السلطات على أنها لا تشكل خطراً على الناس. وأشارت تقديرات أولية لقطاع التأمين إلى أن الخسائر الناجمة عن «ساندي» والتي تخضع للضمان تتراوح بين 7 و15 بليون دولار. ولفت عودة شركات التجزئة بسرعة إلى العمل مع اقتراب موسم العطلات، وبينها متاجر «هوم ديبوت» لمستلزمات المنازل و «وول مارت» و «ساكس» للمنتجات الفاخرة. ولم يقتصر الدمار على نيويورك، إذ أن مدناً كثيرة على طول الساحل الشرقي الأميركي من بوسطن إلى فيلادلفيا وواشنطن طاولتها رياح عاتية، فيما عانى سكان الواجهات البحرية من السيول والفيضانات. على صعيد آخر، قدم الرئيس الصيني هو جينتاو تعازيه إلى أوباما على الضحايا والخسائر المادية التي تسببت بها العاصفة «ساندي»، مبدياً ثقته من أن المتضررين سيتجاوزون الصعوبات ويعيدون بناء منازلهم. وفي الفاتيكان، أعلن البابا بينيدكتوس السادس عشر إنه يصلي من أجل سكان الساحل الشرقي للولايات المتحدة، مبدياً تضامنه مع جميع العاملين في مجال إعادة البناء».