كشفت آخر إحصاءات منظمة الصحة العالمية أن مرض الاكتئاب يحتل المرتبة الثالثة من بين إجمالي أسباب الوفاة بعد أمراض القلب وحوادث الطرق، بالإضافة إلى أن الأمراض النفسية تتسبب في حدوث عدد كبير من الوفيات وحالات العجز. وأوضحت أنها تمثل 8،8% من عبء المرض الإجمالي الناجم عن الاعتلالات الصحية في البلدان منخفضة الدخل وتمثل نسبة 16،6% في البلدان متوسطة الدخل. وبين استشاري الطب النفسي بكلية الطب بجامعة الملك خالد في أبها الدكتور موسى بن أحمد آل زعلة أن تلك الإحصاءات تأتي بالتزامن مع اليوم العالمي للصحة النفسية غدا، والذي يتخذ شعار هذا العام "الاكتئاب.. أزمة عالمية". وأوضح الدكتور آل زعلة أن الاكتئاب يصيب الجنسين في جميع الفئات العمرية ونسبته لدى الذكور البالغين 10%، بينما يصل إلى 25% لدى النساء البالغات. وهو حالة من انخفاض المزاج والحزن وفقدان المتعة في معظم الممارسات الحياتية اليومية وهذه الحالة قد تعتري الإنسان لأسباب معينة أو قد تكون بلا سبب بحيث تؤثر على تفكيره وسلوكه وانفعالاته وقد يتعدى تأثيرها إلى المحيطين به. وفيما يتعلق بأسبابه لفت إلى أن الدراسات أشارت إلى أن هناك عوامل جينية مرتبطة بالاكتئاب وتساعد على ظهوره في الأبناء إذا كانت البيئة المحيطة بهم تساعد على ذلك، وتوجد أسباب عضوية كاضطراب كيميائي يحدث بسبب انخفاض نسبة بعض النواقل العصبية في بعض مراكز الدماغ، أو زيادة نشاط الغدة الكظرية "فوق الكلوية"، أو انخفاض نشاط الغدة الدرقية، أو قد يكون بسبب خلل في بعض الهرمونات، ويوجد ما يسمى باكتئاب ما بعد الولادة حسب بعض النظريات، بالإضافة إلى تعاطي المخدرات، وبعض الأسباب الاجتماعية كالأحداث المأساوية والاعتداءات الجسدية أو الاغتصاب أو وفاة قريب، والطلاق بعد زواج فاشل وغيرها من الضغوط الاجتماعية أو الأسرية والاقتصادية، ومشاكل الأبوين أمام الأبناء. ولفت الدكتور آل زعلة إلى أن الاكتئاب تظهر أعراضه من خلال شكوى المصاب من الحزن، وانخفاض المزاج، وفقدان الاستمتاع بالحياة، والشعور بالخمول والكسل، وسرعة الإجهاد، وضعف الدافعية، والنظرة السوداوية للذات والآخرين ولجميع الأحداث ويصاحب ذلك عدم القدرة على التركيز واضطرابات النوم والشهية. وقد يصل المكتئب إلى تمني الموت بل قد يفكر فيه أو يقدم على الانتحار. وبين الدكتور آل زعلة أن هناك اكتئابا تفاعليا وهو ما يحدث بسبب مشكلة معينة واجهت المريض أو حدث فيتعامل معه بمزاج مكتئب، واكتئاب ما بعد الولادة تظهر أعراضه بعد ولادتها بأيام أو أسابيع وتستمر بعد ذلك، إلى جانب الاكتئاب الذهاني المصحوب بالضلالات والهلاوس، والاكتئاب المصاحب لمرض عضوي كأمراض السكري والقلب والشلل الرعاش وبعض الأمراض المزمنة، والاكتئاب المصاحب لتناول دواء معين كأدوية الصرع والضغط وعلاجات السرطان. وفيما يتعلق بالعلاج أكد الدكتور آل زعلة أن الطب الحديث أدى إلى علاج 80% من حالات الاكتئاب بسهولة.