«تصالح مع نفسك»، «حب ذاتك»، معالجون نفسيون يزيدون بلاء مراجعيهم بهذه المفاهيم والجمل الخطأ تأتيه ضحية تحاول النهوض؛ ويخرج من عنده ضحية يتلذذ بالألم، وثقافة مجتمع تعزز مفهوم «منطقة الراحة»، لأن المغامرة جنون، والتردد حكمة! مشكلة الناجحين قبل «الفشلة»، هي الانغماس في منطقة الراحة، يدرس ما يستطيع فهمه وحفظه، يعمل في ما يفقه فيه، ويتحرك داخل «دوائر الأمان» في كل مجالات الحياة، يرى البعض أنه من الجنون المخاطرة في طريق مجهول المعالم، وبالتالي تجد الأغلب يتباكى من صعوبة النجاح رغم محاولاته داخل هذه الدوائر الآمنة، ويرى بعض الناجحين مجهولين؛ لأن نجاحهم لا يعرفه إلا عائلاتهم ولم يتعد حدود منازلهم، وكأنهم أفراد يدورون حول أنفسهم يعافرون الأمريّن، مُر الإحباط من جانب، ومُر الملل من جانب آخر، فتفتح لهم أبواب الصراعات النفسية ما بين رغبات مدفونة ومحاولات خجولة. كل هذا ليس أسوأ مما سأقوله الآن، سأقول لك حقيقة مخيفة ولكن ستختصر عليك عناء المحاولات دون نتيجة: لن تعرف نفسك وقدرتها حتى «تتحداها»، أي تلقي بها في أي مجال تجهله تماما وتطلب منها الثبات فيه، إذا تذكرون كتابا كبيرا جدا ومللا بعنوان «اكتشف قواك الخفية»، محتواه كان مملاً لأنه مبالغ به في الحشو حتى يصبح كتاباً ويباع بمقابل مالي، اختصاره، «تحدى» ذاتك وقدراتك. تعامل مع نفسك بندية وعداوة، اتهمها بأنها غير قادرة على أمر محدد، ثم ارفض هذا الاتهام وحاول إثبات عكسه في تميزك بهذا الأمر الذي كنت تعتقد أنك غير قادر عليه، مارس هذه اللعبة دائما، عدة أشهر وفي أقل من سنة وستحصل على نقطة تحول جذرية واحدة كحد أدنى، إذا لم تكن أكثر من ذلك، أن تتحدى نفسك وتنجح هذا يعني أنك أخرجت نسخة أفضل من نسختك السابقة، وهنا التميز الذي لا يحصل عليه «المقلدون» و«التابعون»، وستجد جمال النتائج في رفع مستوى التحدي إلى خوض المغامرة، أي تخاطر بجزء من استقرار حياتك فقط لأجل تحد صنعته أنت لنفسك، لو تعلم كم المتعة في خوض التجربة، وتأثيرها في علاج روحك إن عبثت بها الحياة سابقا، ومستوى النجاح الذي لم تتوقع حدوثه في يوم ما، لطالبت بتجريم ومعاقبة الغارق في «منطقة الراحة». أخيرا إذا اعتقدت أنك وصلت لمستوى قد تجزم أنك تعرف نفسك جيدا؛ فأنت أجهل الناس بها، لأن البشر متغيرون أصلاً، لذا لن تعرف ماذا تغير بك ما دمت لم تجرب شيئا جديدا أو تتحدى فيك عيبا عنيدا.