خلافا لافتتاح مقر البلدية الجديد فيه، إلا أنه لا يزال خارج معادلة "الزمن" من حيث مواكبة حركة التنمية التي طالت الكثير من أحياء العاصمة التي تلته من حيث النشأة، فيما ظل هو يراوح مكانه صابرا على بطء وصول الخدمات إليه. هذا هو حال حي النظيم، الذي يقع أقصى شرق الرياض. معاناة الحي كانت بادية من خلال ردود فعل الأهالي حينما زارهم أمين الرياض السابق الأمير الدكتور عبدالعزيز بن عياف آل مقرن لافتتاح مقر البلدية الجديد، حينما صارحوه بأن الحي لم يتلفت إليه إلا قبل أيام قليلة من مقدمكم. ورغم موقعه الجغرافي المتقدم، إذ يعتبر الواجهة الأمامية الشرقية للرياض، ويتوسط كلية الملك فهد الأمنية وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، والحرس الوطني والدفاع الجوي واستاد الملك فهد ومدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني والعديد من المنشآت الحكومية، إلا أن ذلك لم يشفع له بأن يحظى بالاهتمام الذي ينشده أهالي حي النظيم. ويعاني الحي من نقص الخدمات والكثير من المشاكل لأكثر من 30 عاما، وهو مكون من مجموعة أحياء؛ هي: الندوة وسلطانة والشروق والعطير وابن باز ولؤلؤة الشرق والسويلمي وجميعها تابعة له بمدخل رئيسي واحد، فيما يناهز عدد سكانه 100 ألف نسمة. ولأن الحقيقة لا تأتي إلا من الأرض، فقد قامت "الوطن" بجولة تفقدية في الحي للوقوف على أبرز المشاكل. وفتح سكان الحي قلوبهم قبل أبوابهم لبث شكواهم التي سئموا من إعادة طرحها مرة تلو أخرى. الحي، بحسب المشاهدات وروايات السكان، ينقصه الكثير من الخدمات ومن أهمها تعبيد الشوارع المتهالكة وعدم رصفها وإنارتها، وخصوصا الطريق الرئيسي خريص. كما أن مرور الشاحنات على الطريق الرئيسية المؤدية للحي، بحسب السكان، كان عاملا في الكثير من الوفيات منذ سنوات، إضافة إلى تكدسها واستقرارها في الساحات الفارغة بالحي. كما اشتكى الأهالي من وجود أسواق الأغنام والأخشاب والأعلاف والكسارات العشوائية على طريق خريص، فيما تنتشر مصانع الطوب والأسمنت العشوائية التي صدر مؤخرا قرار بنقلها بعيدا عن الحي. انتشار العمالة المخالفة، يعد من أبرز الهواجس التي تقلق سكان حي النظيم، إذ يتمركزون بين أروقة الحي مشكلين بذلك خطرا كبيرا على سلامة الحي وساكنيه. بدر فرحان المخيليل أحد سكان حي النظيم، تركزت شكواه على الازدحام المروري الذي يشهده حي النظيم نتيجة لاعتماد "المدخل الواحد"، فيما يرى أن حيا كبيرا كهذا يفترض أن يكون له أكثر من مدخل، كما أن حفريات الشوارع تعتبر من العوامل الرئيسية التي تؤرق السكان. ويضيف المخيليل في شكواه عدم رصف أو تعبيد طريق خريص حتى مفترق طريق الدمام السريع، إضافة إلى أن هذا الطريق الهام لم تكتمل إنارته بعد، يضاف إلى ذلك تهالك شوارع الأحياء الداخلية، وعدم وجود حدائق عامة أو ممشى متنفس في الحي. ثامر قصيم الشمري ركز في حديثه على الشاحنات التي قال إنها تكثر في الحي بين المنازل ووسط الطريق الرئيسي، مؤكدا أنها كانت سببا في تكبد الكثير من الخسائر المادية والبشرية. ويقول "فقدنا الكثير من الأصحاب الذين وافتهم المنية بسبب مرور الشاحنات وقطعها للإشارات وسرعتها الزائدة بحيث لا توجد فواصل بين الطريق الرئيسي، وأيضا هناك على طريق خريص المار بحي النظيم أسواق الأغنام والأعلاف والأسمنت والكسارات العشوائية بدون تراخيص التي تقع على الطريق والتي تسببت هي الأخرى في الكثير من الحوادث أيضا، إضافة إلى عدم وجود تصريف صحي في حي الندوة التابع للنظيم". ولأن الإحسان جزاؤه الإحسان، فلم يجد ماجد فريج العنزي بدا من الإشادة بقرارات الأمين السابق لمدينة الرياض الأمير بن عياف، الذي أمر في زيارته الأخيرة للحي بتشكيل لجنة للوقوف على متطلبات أبناء وأهالي الحي وقد خصص جزءا من الأعمال لتطوير حي النظيم، غير أنه يقول إنهم لم يشاهدوا نتيجة لهذه القرارات ولم تفعل. كما أكد سعيد بن عايض البقمي أن كثرة العمالة المخالفة السائبة كانت سببا كبيرا في تمركز معظم العمالة في الحي مما أسهم في تشويه منظر الحي العام وزادت تبعا لذلك مشاكلهم في جرائم السرقات تحديدا. ولم تكن الانقطاعات الكهربائية بمعزل عن شكوى حي النظيم، إذ يقول المواطن يحيى بن عوض المسند أن تلك الانقطاعات شهدت تزايدا في الفترة الماضية دون تبرير أو اعتذار من الشركة، فيما تعاظمت المعاناة وزادت مع فصل الصيف الماضي. كما ينتقد المسند غياب الخدمات الصحية، وعدم وجود مستشفى كبير يخدم الحي، رغم أن عدد سكانه يناهز ال100 ألف نسمة. فيما أبدى عبدالعزيز الحميدي استياءه من ظاهرة إطلاق النار أثناء إقامة الحفلات والمناسبات وما يلحقها من إيقاف للحركة المرورية وإيقاف الطرق دون وجه حق والعمل على إثارة الفوضى وإشغال الناس عن أداء مهامهم. وقد تحدث المواطن سلطان الفريعي قائلا أعتقد أن حي النظيم مازال يحتاج بعض الخدمات وهي عدم وجود أراض حكومية صحية تعتبر ضرورة لإنشاء مستشفى حكومي للحي، بينما يوجد حي قريب بشرق الرياض فيه أكثر من مستشفى، كما لا توجد هناك مراكز اجتماعية وثقافية تخدم أبناء الحي، إضافة إلى التأخير في عملية المشاريع الحكومية. أما الكاتب والإعلامي قالط العنزي، فيأخذنا بعيدا عن المشاكل الخدمية، ليؤكد أن من أهم المشاكل التي يعاني منها الحي هي الصورة الذهنية المرسومة عنه، التي لا تعكس الواقع الحقيقي لهم، وهذه الصورة انعكست عليه سلبا وأدت إلى عزلته اجتماعيا وخدميا، وحتى المعلمون الذين يتعينون بالحي لا يبالون في التعامل الحقيقي التربوي مع الطلاب. من جانبه أكد المواطن زيد الخمشي المتحدث الإعلامي لمجلس حي النظيم التطوعي، أن مشكلة الحي الأساسية تكمن في الإعلام السلبي الذي يصور الحي وإن كان من دون قصد على غير حاله، فما يحدث في الحي من مشكلات يحدث في أي حي آخر، إضافة إلى غياب المعلومة عن بعض المسؤولين. وأضاف أن لجنة من وزارة الصحة وقفت ميدانيا في الحي وفوجئت ببعد الحي أولا، وبالكثافة السكانية الهائلة ثانيا، وكتبت في تقريرها بضرورة بناء مركز صحي ثالث عالي الفئة، فئة "م" (مناوب)، والرفع بتوصية ببناء مستشفى مستقل في الحي. وبيّن أن الكثافة السكانية تلزم توفير العديد من الخدمات البلدية، والتعليمية، والصحية، ويكفي أن يوجد في الحي 34 مدرسة للبنين جلها مستأجر، تحوي أكثر من 500 فصل ويدرس فيها زهاء 14 ألف طالب، ناهيك عن مدارس البنات التي تقارب العدد أو تزيد. وأشار إلى أن تجاوب المسؤولين مع مطالب الأهالي كان جيدا، ووعدوا بتنفيذ العديد من الخدمات بعضها قيد التنفيذ والبعض الآخر لم يتم البدء فيه، مؤكدا أن الأهالي ينتظرون تنفيذ هذه الوعود التي ملوا تكرارها في كل مطالبة.