من المفارقات بموسم جني التمور، دخول المزارعين في كر وفر مع أسراب الطيور، بسبب هجماتها على عذوق التمور، واختيارها أطيبها، وهو الأمر الذي قد يسبب خسائر للمنتجين والمزارعين، ما يجبر بعضهم إلى ابتكار وسائل متنوعة لصد هذه الهجمات من بينها «تكميم العذوق»، وهي عبارة عن حيلة قديمة تعتمد على لف العذق بلفافة بلاستيكية تمنع وصول العصفور للتمر. وبحسب رئيس اللجنة الإعلامية في مهرجان بريدة للتمور محمد الحربي، فإن بعض المزارعين يلجأ إلى استخدام ما يسمى «المدفع الصوتي » لبث الرعب بين أسراب العصافير، حتى لا تقترب من المحصول الزراعي، في حين أن هناك مزارعين يستخدمون "المخيول"، وهي طريقة شائعة تعتمد على رفع المزارع عموداً للأعلى، ويكون قريبا من هيكل الإنسان من خلال وضع قبعة وملابس تجعله يبدو بصورة مزارع وذلك لإخافة الطيور. وأشار الحربي إلى أن بعض المزارعين يخصصون أشجار نخيل للعصافير في أطراف المزارع لتأكل منها طمعا بالأجر؛ بحيث لا يتم حمايتها بأي وسيلة من وسائل الدفاع الآنفة الذكر. ويشير الحربي إلى أن موسم جني محصول النخيل يمر بمراحل وطقوس مختلفة، حيث يبدأ من غرب المملكة في شهر مايو ويختتم شمالاً في شهر سبتمبر، وتكون البداية بالمناطق الغربية والشرقية التي تعرف بحرارتها العالية، لتأتي تمور وسط السعودية التي تبدأ من منتصف أغسطس، ومن ثم تأتي تمور مناطق شمال المملكة، التي تتأخر بمدة تصل إلى شهر كامل، نتيجة برودة أجواء تلك المناطق. ويؤكد هنا الحربي أن النخلة تعد من أهم اقتصاديات البلاد قديما وتحظى بمكانة رفيعة عند السعوديين، وقد نظمت فيها قصائد وتم تشبيهها بما هو حسن وجميل. ومع تقليص الزراعة بعد قرار مجلس الوزراء رقم 355 قبل سنوات، اتجه غالبية المزارعين لزراعة النخيل بعد عقود من زراعة القمح، وادخلوا أصنافا جديدة وفاخرة، ونظموا للمنتجات مهرجانات سنوية بمناطق القصيم وحائل والأحساء. وذكر محمد الحربي أن نخيل السكري والخلاص والحلوة تعد من أشهر أصناف التمور محليا، وتم استيراد أصناف أخرى من خارج البلاد ومنها المجدول من الولاياتالمتحدة الأميركية. ويذكر رئيس اللجنة الإعلامية بمهرجان بريدة للتمور أن الاستعداد لموسم جني التمور بمناطق القصيم وحائل يبدأ من أول شهر أغسطس المعروف بحرارته المرتفعة ومنها أيام "طباخ التمر"، حيث يبدأ الرطب بالتأثر بالحرارة العالية ويتغير لونه. ويشدد الحربي أنه في الأيام العشرة الأخيرة من شهر أغسطس ترتسم الابتسامة على محيا المزارعين طوال شهر كامل يشهد جني المحصول وبيعه. وذكر أن مهرجانات التمور غدت نافذة تسويقية هامة للمزارعين وزادت من مدخولاتهم بعد تسويق المحصول بشكل منظم وبأسعار تنافسية، منوها بأن مهرجان بريدة يؤمه زبائن من كافة أصقاع المعمورة، ويطلبون كميات كبيرة تعود قيمتها على الاقتصاد الوطني بملايين الريالات. وأردف الحربي أن المهرجان ترتفع إيراداته في كل دورة. وشدد محمد الحربي على أن التمر دخل بصناعة منتجات عديدة ولا يقتصر على أكل الرطب أو التمر، فهناك استثمارات قامت بمنطقة القصيم لإنتاج صناعات غذائية من التمر منها العصير والآيس كريم. وأضاف أن نوى التمر أقيمت عليه استثمارات أخرى ببيعه بعد تجهيزه كقهوة خاصة، وأردف بأن جميع ما يخرج من النخلة يستفاد منه؛ فقد أنشئت مصانع متخصصة للاستفادة من بقايا أخشاب النخيل كعلف حيواني.