خلت مدينة التمور في «بريدة» من مرتاديها، وبدأت هادئة على غير العادة في الأيام الأولى لشهر رمضان المبارك. منذ سنوات، كان الليل والنهار لا حناجر الدلالين بأصواتهم المرتفعة ولا ضجيج آلاف السيارات وهي تحمل في صناديقها أطناناً من التمور. توقع باعة في محال بيع التمور المنتشرة في بريدة أن بداية نزول تمور «الرطب» من إنتاج هذا العام لن يكون في متناول الصائمين قبل منتصف شهر رمضان وقد يكون قبل نهايته في أيام قلائل، وقالوا إن التمور المكنوزة والمخزنة من إنتاج العام الماضي شهدت إقبالاً كبيراً قبيل دخول شهر رمضان، خصوصاً للذين لم تكن لديهم الكميات الكافية لطوال أيام الشهر أو للقائمين على المشاريع الخيرية للصدقات وإفطار الصائمين، ورأوا أن الكميات الموجودة حالياً من إنتاج العام الماضي تفي بحاجات الصائمين من التمور، ودللوا على ذلك بأن هناك بعض المحال بدأت تبيع بأسعار مخفضة بغية تصريف أكبر كمية من التمور المخزنة لديهم استعداداً لموسم التمر الجديد الذي سينطلق في آخر أيام الشهر الفضيل. ويفضل المتسوقون شراء تمر السكري «المكنوز» في الدرجة الأولى يليه «إخلاص القصيم» ثم الأنواع الأخرى تتجاوز 30 صنفاً وكل هذه التمور معبأة آلياً، وتتفاوت أسعارها تبعاً لكل محل، إلا أنه أرجع أن سعر كرتون «سكري» فاخر «درجة أولى» يحوي ثماني عبوات زنة كيلو واحد ما بين 110 ريالات إلى 170 ريالاً، بينما يتراوح سعر كرتون «إخلاص القصيم» ثماني عبوات زنة كيلو واحد 190ريالاً إلى 230 ريالاً وفي كلا الحالتين يخضع الأمر لجودة ونوعية التمر ومقاس فذته من ناحية الحجم صغيرة كانت أم كبيرة. ويحاول معظم الصائمون في ظل عدم توافر الرطب هذا العام تطبيق الهدي النبوي عن الرسول عليه الصلاة والسلام الذي كان يفطر قبل أن يصلي على رطب فإن لم يجد فتمر أو ماء. وفي ظل أجواء الصيف الملتهبة التي تضرب عدداً من مناطق المملكة فإن كل «تأخيرة فيها خيرة» كما يرى المهتمون، لأن ذلك كفى الصائمين التسوق في الفترة الصباحية التي تشتد فيها الحرارة باكراً، وجاءت بلسماً لحناجر الدلالين الذين لا تنقطع أصواتهم بإعلان المزادات من على سيارات المزارعين يحتاجون معه إلى ترطيب أفواههم وإن تيسر لهم ذلك ليلاً فإن الصيام يمنعهم منه نهاراً. يذكر أن منطقة القصيم تنتصب في مزارعها قرابة ستة ملايين نخلة تنتج أنواعاً مختلفة من التمور وتنظم مهرجاناً سنوياً يتزامن مع موسم حصاد التمور في كل عام تشرف عليه أمانة منطقة القصيم، وفيما تأخر إنتاج منطقة القصيم من التمور هذا العام بسبب التقلبات المناخية بدأ محصول التمور في المدينةالمنورة متوافراً في الأسواق ويشهد حراكاً اقتصادياً منفرداً للمنطقة مستفيدة من عدم بدء موسم جني التمور في المناطق الأخرى، وساهمت في جلب متسوقين من داخل المدينةالمنورة ومن خارجها لشراء التمور الطازجة التي تعتبر أهم ما تحتويه سفرة الإفطار الأولى للصائمين، وإن كانت تمور المدينة ذات أصناف مختلفة عن غيرها.