تحولت مدينة طرابلس اللبنانية إلى ساحة قتال لتصفية الحسابات على خلفية الأحداث الجارية في سورية، بين معارضين للنظام ومؤيدين له، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من المتقاتلين في "باب التبانة" ذات الغالبية السنية و"جبل محسن" ذات الغالبية العلوية، فيما تواصل القتال في أرجاء عديدة من سورية وخاصة في حلب ودمشق ودير الزور. ولم تقف حدود التدخل السوري في لبنان عند إثارة الفتنة بين أبناء البلد الواحد كما هو الحال في طرابلس، حيث قصفت الطائرات السورية الحدود السورية اللبنانية من جهة بلدة معربون الحدودية، وحلقت فوق منطقة مشاريع القاع الحدودية. على صعيد آخر، أعلن رئيس المجلس الوطني السوري عبدالباسط سيدا في مقابلة خاصة مع "فرانس 24" أنه لا مكان للعميد المنشق مناف طلاس ورئيس الوزراء المنشق رياض حجاب في أي حكومة انتقالية مقبلة لأنهما لم يكونا مع الثورة منذ بدايتها. سقط المئات من المعارضة والنظام السوري بين قتيل وجريح في العديد من المناطق السورية، فضلا عن مداهمات واعتقالات في العديد من أحياء العاصمة السورية. وقال مسؤول عراقي محلي وقائد للمعارضة السورية إن القوات السورية اشتبكت مع مقاتلي المعارضة أمس للسيطرة على قاعدة عسكرية ومطار قرب بلدة البوكمال على الحدود العراقية. وقال فرحان فتيحان رئيس بلدية مدينة القائم العراقية القريبة من الحدود لرويترز "هناك قتال عنيف بين الجيش السوري الحر وحرس الحدود السوري للسيطرة على القاعدة حيث تستخدم الدبابات والمدفعية في قصف (البوكمال)." وقال قائد لمقاتلي المعارضة السورية لرويترز في اتصال هاتفي عبر الأقمار الصناعية إنهم يسيطرون الآن على البلدة التي تقع على طريق إمداد من العراق. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان أن 20 شخصا قتلوا وأصيب عشرات آخرون في إطلاق رصاص "خلال الحملة العسكرية في حي كفرسوسة". وذكر نشطون أن القوات السورية قتلت صحفيا متعاطفا مع الانتفاضة لدى مداهمتها حي نهر عائشة في دمشق أمس. وأضافوا أن الجنود قتلوا مصعب العودة الله الذي كان يعمل بصحيفة تشرين الحكومية رميا بالرصاص من مسافة قريبة بعدما دخلوا منزله أثناء مداهمة منازل في الحي. وترافقت الحملة مع "اشتباكات عنيفة في منطقة البساتين الواقعة بين حي كفرسوسة ومدينة داريا القريبة من العاصمة. وتشارك الطائرات الحوامة في الاشتباكات، حيث يحاول الجيش اقتحام منطقة البساتين مدعوما بالدبابات والآليات الثقيلة. وكانت اشتباكات وقعت صباحا في طريق المتحلق الجنوبي في منطقة اللوان ومحيط مطار المزة العسكري. وفي محافظة دير الزور سيطر مقاتلو المعارضة على حاجز للقوات النظامية في مدينة البوكمال الحدودية مع العراق بعد اشتباكات عنيفة مع عناصر الحاجز. وكان المقاتلون قد سيطروا قبل ذلك على مقر الأمن السياسي في المدينة. وأفادت مصادر في الجيش العراقي بأن العراق أغلق معبر القائم الحدودي بكتل أسمنتية كبيرة ونصبت كاميرات مراقبة بعد سيطرة الجيش السوري الحر على معبر البو كمال. وأضافت أن "استقبال اللاجئين عبر هذا المنفذ توقف بشكل كامل منذ أكثر من أسبوع ويقتصر الاستقبال على منفذ الوليد الحدود". وفي حلب قال المرصد إن "أحياء هنانو والشيخ خضر والصاخور وطريق الباب والشعار تعرضت للقصف من القوات النظامية" تزامناً مع اشتباكات في حيي جمعية الزهراء والحمدانية. وأشار إلى "اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين من الثوار في محيط قاعدة الصواريخ في منطقة الشيخ سعيد" في ريف حلب، استخدمت فيها القوات النظامية الطائرات. وفيما تواصلت الاشتباكات في طرابلس في شمال لبنان، أفاد أهالي منطقة مشاريع القاع الحدودية عن تحليق للطيران الحربي والمروحيات السورية فوق تلك المنطقة في جانبها اللبناني، ما تسبب بذعر كبير لدى الأهالي الذين احتموا تحت الأشجار في الأراضي الزراعية خوفا من تعرض منازلهم للقصف، خصوصا بعد إطلاق النار باتجاه بعض المنازل. وأفادت معلومات عن قيام الطيران الحربي السوري بطلعات تخللها قصف عنيف على الحدود السورية اللبنانية لجهة بلدة معربون الحدودية. وفي باريس تحدثت الرئاسة الفرنسية عن "تطابق في وجهات النظر" بين الرئيس فرنسوا هولاند، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في شأن سورية، مضيفة في بيان أن الجانبين قررا خلال لقائهما أمس "تنسيق جهودهما" من أجل "انتقال سياسي" في دمشق. وشدد الرئيس الفرنسي على أنه "لا يمكن التوصل إلى حل سياسي من دون تنحي بشار الأسد". من جهته توقع رئيس البرلمان العربي علي سالم الدقباسي فشل مهمة المبعوث الجديد لجامعة الدول العربية والأمم المتحدة إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، مبدياً استغرابه من إعادة إنتاج مهمة سبق أن باءت بالفشل الذريع. وقال إن الجميع على يقين بأن الإبراهيمي لن ينجح في ما فشل فيه كوفي عنان، وذلك بسبب فقدان الإرادة الموحدة لأعضاء مجلس الأمن.