على الرغم من العديد من التجارب، وبرغم بصمات الزمن الذي ترك آثاره علي وجودي، وعلي عمر سرقته الغربة في غفلة من الوعي، وعلى الرغم من كل الممارسات غير المتوازنة، ورغم التهور، والحماقات غير المسؤولة التي ارتكبت في غفلة من الإدراك بالمسؤولية، وبرغم كل ما كان، أيام كان العمر يسمح بارتكاب الحماقة في سعادة، ابتغاء متعة اللحظة، وبرغم كل هذا الكم الهائل من الحزن، والفرح، والشقاء. وعلى الرغم من سنوات الخريف التي غاب عنها القمر، وبرغم انتهاء العمر الافتراضي للقلب الذي سرقته وشردته عيون الصبايا، وبرغم الضحايا، وبرغم السبايا، جاءت عيناك النجمتان العذبتان بأحلى ما يكمن في أغوار الأنثى التي تسكنك، جاءت عيناك بمستحيل كنت أحلم به من قبل بداية العمر. عيناك، رغما عني، اخترقتا كل استحكاماتي، هدمت كل المتاريس، كل الأبنية التي كنت أناجيك منها في صوت مرهق، فكت أسر الكوامن التي تتوق إلى لقائك، حلت عقدة سكون الحروف والكلمات، فانطلقت من سجن اعتقالها، لتبارك اللقاء، لتعوض سنوات الغربة والاغتراب والغروب، لتشرق شمس اللحظة، لتعوض سنوات الحرمان، ومرار الانتظار، ومللا لا نهائي يتحدي الأمل في أن تلتقي كفايا بكفيك. أعرف واعترف بأنني مذنب، ولكن أمامك ومعك عشقت هذا الكم الهائل من العذاب والسطوة. ادعو ربي أن يغفر لي كل هذا الطيش، وكل هذه الحماقة.. كل هذا التهور!!.