القناعة لغةً هي الرضا باليسير، والقانع هو الراضي، وسميت قناعة لأن الشخص يُقبل على الشيء وهو راض به، وهي الرضا بما هو موجود، دون التشوق لما هو مفقود، والوقوف عند الكفاية والرضا بالنصيب والحظ. كثيرون هم الذين يمشون بيننا، وهم يضعون أقنعة ملونة، يخفون خلفها نفوسا مريضة قلقة متوترة. يبهرونك بقدرتهم على التمثيل، وبمهارتهم في إخفاء وجوههم الحقيقية، التي تتخفي تحت تلك الأقنعة الجميلة الملونة. هذه الأقنعة تفتك بالمجتمعات، وتؤثر في العلاقات الاجتماعية الإنسانية الأسرية الأخوية.. الكثيرون يقدمون أنفسهم للآخرين بشكل مختلف عن حقيقتهم الواقعية! فهم يظهرون في كل موقف بشكل مختلف وقناع مختلف، بحسب ما تقتضيه المواقف للمصالح الشخصية. ولا يسعى لتعديل سلوكه المخزي والمخجل والمعيب، بل يصبح القناع والسلوك المستعار، سلوكا دائما وطبيعيا، دون العودة بعد انتهاء المواقف إلى سابق طبعه وعادته. لا شك في أن خجل وخوف هؤلاء من كشف حقيقتهم، هو الذي يدفعهم للتستر خلف الأقنعة. هذا هو السبب المشترك بين جميع المواقف، التي يرتدي فيها شخص ما قناعا، ويسعى كل واحد من هؤلاء لتجميل نفسه، فالمهم عنده هو أن يظهر أمام الآخرين بالشكل الذي يعجبهم ويرضيهم، دون قناعة منه بضرورة أن يكون واقعيا وحقيقيا قلبا وقالبا. لذلك يسعى للوصول إلى هذه من خلالها لأهدافه، ولا يهتم إطلاقًا بتحسين ومعالجة نفسة وتجميلها. ويخططون لأن يمارسوا هذا الفعل المشين في حق الآخرين، لأهداف وغايات محددة يضعونها نصب أعينهم، فإنهم مرضى لا أمل من شفائهم، ولأنهم يعرفون حقيقة ما يفعلونه، ويقومون به مع سبق الإصرار والترصد، ويخدعون الآخرين عن علم ومعرفة، واختيار لهذه الوسيلة دون غيرها، للوصول إلى هدفهم، ربما لأنها الأسهل، وربما لأنها أكثر إمتاعا بالنسبة لهم.