تعاقب على إمامة جامع "الجبري" الأثري وسط مدينة الهفوف التاريخية في محافظة الأحساء "أقدم وأعراق جوامع الأحساء القائمة" منذ إنشائه قبل نحو 553 عاماً، نحو 48 إماماً وخطيباً بينهم 39 إماماً وخطيباً من أسرة "الجعفري". وشهد أكبر توسعة في شهر ربيع الأول 1430ه، ولا يزال يحتفظ بطابعه الإسلامي المميز، إذ إنه مسقوف بعدة قبب ويتوسطه فناء فسيحا تحيط به الأروقة من جهاته الأربع، وشهد عدة ترميمات سابقة، وقد روعي في تلك الترميمات وضع مواصفات خاصة للحافظ على خصائصه المعمارية وطابعه الأثري، وتبلغ مساحته الإجمالية ألفي متر مربع، ويستوعب 2500 مصلي. وأوضح إمام وخطيب الجامع فضيلة الشيخ الدكتور عصام الخطيب في حديثه إلى "الوطن"، أن الجامع أنشأه سيف الدين بن حسين الجبري سنة 880ه، ولهذا الجامع مكانة كبيرة في نفوس أهل الأحساء عامة، وأهل حي الكوت في الهفوف خاصة، مؤكداً أن كثيرا من أهل الكوت لا يتركون صلاة العيد في هذا الجامع حتى ولو كانت إقامتهم في غير الأحساء، بجانب حرص أهالي الكوت على إقامة صلاة جنائزهم في هذا الجامع، وكان الجامع منارة من منارات العلم منذ إنشائه حتى الوقت الحالي لا تزال الدروس فيه قائمة من كثير من طلبة العلم، مبيناً أن في الجامع مئذنة واحدة ويبلغ طولها 11 متراً، ويتكون الجامع من الداخل من فناء مستطيل محاط ب 4 أروقة من جهة القبلة تشكل إيواناً ورواقا واحدا من الجهات الثلاث الأخرى، وتتكون الأروقة من أقواس مكسورة وثلاثة مسننة "شكل النخلة" ويبلغ عددها 71 قوساً وهي مسقوفة بقبوات وقبب وأخشاب، وتعتمد هذه الأقواس على أعمدة ضخمة وتشبه في كثرتها وتقاربها ببساتين النخيل، ويبلغ عدد هذه الأعمدة 59 عمودا. وأشار الشيخ الخطيب إلى أن 23 عقارا ومزرعة جرى إيقافها على الجامع وتقع في جهات كثيرة من الأحساء، وأن التوسعة الجديدة للجامع جرى فيها إزالة الغطاء من الفناء الداخلي للمسجد، واستبداله بخيام مناسبة، وتمت إعادة تسقيف الرواق الحديث بما يناسب القيمة التاريخية للمسجد كما تم ترميم الزخارف والنقوش الجبسية والشواهد الفنية، واللوحات التعريفية، مؤكداً أن أعمال ترميمه كانت ضرورية حتى يمكن الحفاظ عليه. وأبان أن الجامع مبني من أحجار جيرية بيضاء تربط بينها مادة الجص والطين وأعواد صغيرة حول الأقواس لربط مادة البناء، وأساسات المسجد صخور رسوبية لا تتأثر بالرطوبة وهي صلبة وقاسية، وسقف الجامع عبارة أقواس متقاطعة، وهي مصدر إعجاب كثيراً من المهندسين المعماريين بسبب أن معظم الجوامع أسقفها عبارة عن قبب كما يوجد في المسجد سقف من الخشب.