تحتضن محافظة الأحساء معالم تراثية تاريخية قديمة شيدت منذ آلاف السنين, ويحتفظ حي الكوت القديم وسط مدينة الهفوف بمبان تراثية مثل قصر إبراهيم الأثري الذي يعد من القصور التاريخية البارزة في المحافظة، وكذلك جامع الجبري الأثري الذي يعود عمر بنائه إلى 820 ه، وهذان معلمان من المعالم الأثرية التي تشتهر بها المحافظة بالإضافة إلى معالم أخرى في مختلف قرى ومدن الأحساء, إحدى الزوايا الداخلية للجامع (تصوير : إبراهيم السقوفي ) ولجامع الجبري الأثري مكانة كبيرة في نفوس أهل الأحساء عامة وأهل الكوت خاصة .. فقد ضم في أكنافه الآباء والأجداد أيام الجمع والأعياد حيث تغمرهم المحبة وتسود بينهم الألفة حتى كأنهم أبناء بيت واحد، وكل من أدرك طرفا من ذلك الزمن الجميل وشعر بتلك المشاعر الجياشة من أهل هذه الأيام لا يستطيع أن يصبر عن هذا المسجد طويلاً حتى يأتي لزيارته بين الفينة والأخرى في صلاة جمعة أو عيد أو غيرها ليستنشق عبير ذلك الماضي، ولذلك ترى كثيراً من أهل الكوت لا يتركون صلاة العيد في هذا المسجد حتى ولو كانت إقامتهم في غير الأحساء حالياً, بل ولا يصلي أهل الكوت على جنائزهم إلا في هذا المسجد, ولم تقتصر فائدة هذا المسجد لأهل الكوت في الصلاة، بل كان منارة من منارات العلم وموضعاً من مواضع الإشعاع بالمعرفة، ويقع في حارة المطاوعة في شمال حي الكوت ويبعد عن قصر إبراهيم شرقاً بمقدار (250متر ) وعن مقبرة الكوت شمالاً بمقدار ( 90 متر )، وبني من أحجار جيرية بيضاء اللون (طباشيرية) وهي أحجار هشة وخفيفة الوزن يربط بينها مادة الجص والطين وأعواد صغيرة حول الأقواس لربط مادة البناء وهذه الأعواد تسمى (الباستشيل)، أما أساسات المسجد فقد شيدت بالصخور الرسوبية التي لا تتأثر بالرطوبة ولا يمكن تفتيتها وتكسيرها، وتقدر مساحته ب(1426.11 م2), ويتكون المسجد من فناء مستطيل محاط بأربعة أروقه من جهة القبلة ورواق واحد من الجهات الثلاث الباقية، وتتكون الأروقة من أقواس مكسورة وثلاثة مسننة ويبلغ عددها (71 قوساً)، وتعتمد هذه الأقواس على أعمدة ضخمة تشبه في كثرتها وتقاربها بساتين النخيل ويبلغ عدد هذه الأعمدة (52 عموداً)، أما سقف المسجد فإنه على شكل قبوات جميلة ذات أقواس متقاطعة, إمام وخطيب جامع الجبري الشيخ الدكتور عصام الخطيب الجعفري تحدث عن أهمية هذا الجامع العريق, وقال :»يوجد في مسجد الجبري ( 6 قبب) في الجهة اليمنى من الرواق الأول، وذلك ناتج عن انهدام هذا الجزء من المسجد في العهد العثماني، وقيل إنه قد هدم عمداً في حادثة انتزاع المسجد من أسرة الجعفري سنة ( 1219 ه )، وقد أثبتت بعض وثائق ذلك الانتزاع التهديد بهدم المسجد, كما يوجد في إحدى هذه القبب أربع فتحات صغيرة كان يستدل بها على دخول وقت صلاة الظهر والعصر، ويوجد أيضا في المسجد سقف من الخشب (المرابيع) وذلك في الرواق الرابع، وللمسجد الجبري مئذنة واحدة توجد في الركن الجنوبي الشرقي للمسجد، ويبلغ طولها حتى سطح المسجد ( 11 م ), وكان للمسجد مئذنة أخرى في الركن الشمالي الشرقي ولكنها سقطت منذ زمن طويل ولم تستبدل»