ظل مسجد الجبري لأكثر من 600 عام، وحتى الآن، محط جذب قلوب أهل الأحساء، وبغض النظر عن المكانة الدينية التي يحتلها في النفوس كبقية المساجد، فقد كانت العلاقة بينه وبين الأهالي روحانية وانتمائية إلى حد الشغف، فتعاقبت على العبادة فيه أجيال خلقت عبر القرون الستة الماضية، وكلما جاء جيل نقل ركوعه وسجوده في هذا المسجد إلى النطف التي خلقت فيما بعد. والجامع الذي بني في عام 820ه، عندما أمر ببنائه السلطان سيف بن زامل الجبري، مؤسس دولة الجبور في ذلك الوقت، يقع في مدينة الهفوف بحي الكوت، حارة المطاوعة، ويبعد عن قصر إبراهيم شرقاً بمسافة 250م، وله مئذنة واحدة توجد في الركن الجنوبي الشرقي للجامع فوق الرواق الشرقي، وتوجد به أربع بوابات رئيسة، وتقدر مساحته ب 1426 مترا مربعا، ويتوسطه صحن فسيح مستطيل الشكل، وتحيط به الأروقة من جميع الجهات.وأوضح الباحث أحمد بن عبداللطيف الجعفري ل»الشرق» أن «الجبري» لم يكن مسجداً للصلاة فقط، بل منارة للعلم وتفقيه للناس، وتأتي أهميته للأحسائيين عامة، ولأهالي الكوت خاصة، فقد كان يضم في أكنافه الآباء والأجداد أيام الجمع والأعياد فتغمرهم المحبة، وتسود بينهم الألفة، حتى لكأنهم أبناء بيت واحد، فكل من أدرك طرفاً من ذلك الزمن الجميل، وشعر بتلك المشاعر الغامرة، من أهل هذه الأيام لا يستطيع أن يصبر عن هذا الجامع طويلاً، حتى يأتي لزيارته بين الفينة والأخرى في صلاة جمعة أو عيد أو غيرهما؛ ليستنشق عبير الماضي. وبين الجعفري أن أهل الكوت لا يتركون صلاة العيد في هذا الجامع، حتى ولو كانت إقامتهم في غير الأحساء حالياً، بل ولا يصلون على جنائزهم إلا فيه، وهو منارة من منارات العلم، وموقد يشع بالمعرفة، وقد درس فيه مشايخ كثر، ومنهم الشيخ عبدالرحمن الجعفري، والشيخ أحمد العرفج، والشيخ عبدالعزيز العكاس – رحمهم الله -.يذكر أنه في عام 1428ه، تم البدء بمشروع ترميمه بمواصفات خاصة تحافظ على طابعه الأثري وخصائصه المعمارية المميزة، مع إضافة توسعة له من الجهة الشرقية بالبناء الحديث، وبلغت التكلفة الإجمالية لمشروع الترميم أكثر من خمسة ملايين ريال.