لعل هذا هو السؤال الذي يكثر تداوله في المجتمع السعودي مع إطلالة كل صيف. وبدخول شهر يونية وبدء إجازة الصيف وميل درجة الحرارة إلى الارتفاع، تبدأ الأسر السعودية رحلتها السنوية للسفر، وغالباً ما تكون الوجهة خارج البلاد، إذ تستحوذ السياحة الخارجية على النصيب الأكبر من الذين يبحثون عن قضاء إجازة مريحة. هذا هو التوجه الغالب الذي يعيشه المجتمع السعودي منذ سنوات، بعد أن كانت الطائف، بشكل خاص، تشكل وجهة السياحة الأولى قبل تراجعها لصالح الوجهات الخارجية. وقد أسهمت عوامل عديدة في ذلك التراجع، لم يكن معظمها في صالح الطائف. وها هي الطائف تعود هذا العام إلى واجهة الحدث بعد أن اختيرت مؤخراً لتكون عاصمة الصيف العربية للعام 2013م الجاري بناء على مقترح المنظمة العربية للسياحة، وذلك خلال اجتماع المكتب التنفيذي للمجلس الوزاري العربي للسياحة في دورته رقم 21 التي عقدت في العاصمة البحرينية المنامة يوم الأحد 19 مايو الماضي. ومن هذا الخبر يشرع سؤال تتراقص خلفه العديد من علامات الاستفهام، كيف ستكون الطائف عاصمة الصيف العربية؟ هل تمتلك الطائف حالياً مقومات سياحية حقيقية تستطيع أن تنافس تلك التي توفرها المحطات الخارجية التي تتجه لها الأسر السعودية خلال هذا الصيف، وفي مقدمتها تركيا التي استطاعت أن تبرز كوجهة سياحية مفضلة للأسرة السعودية خلال السنوات القليلة الماضية؟ هو في الواقع أكثر من سؤال، بل هي حزمة من الأسئلة تطرح في مثل هذه الأيام، حول أسباب تراجع السياحة الداخلية، على الرغم من أنه كان بالإمكان أن تكون هناك أكثر من وجهة داخلية لجذب السياحة، ليس الطائف فحسب، بل قد تنافسها أبها التي كان لها نصيب ملحوظ من كعكة الإنفاق السياحي، وهو إنفاق غير قليل، بل أن هناك تقارير تشير إلى ان إنفاق الفرد السعودي يعد من الأعلى عالمياً، كما أن هناك توقعات بزيادة حجم الإنفاق على السياحة في الخارج هذا الصيف ليصل إلى نحو سبعة مليارات ريال سعودي. ولذلك يشكل الإنفاق السياحي رقماً مهماً يعكس أهمية القطاع السياحي في اقتصاد أية دولة، وهو قطاع يمكنه أن يستوعب استثمارات ضخمة ويوفر فرص عمل ويسهم في تكوين قطاعات مساندة تتجاوز تلك القطاعات المباشرة للنشاط السياحي. لكن يجب أن لا يغيب عن الذهن، أن تنمية وتطوير القطاع السياحي له استحقاقات تتجاوز الجانب الاقتصادي، وترتبط باعتبارات اجتماعية لابد وأن يتم التعامل معها برؤية فكرية يمكنها أن تغير تراكمات ظلت لسنوات طويلة تكبل تنمية وتطوير هذا القطاع. تنمية وتطوير قطاع السياحة هو هدف يأتي في سياق هدف تنموي أساسي، ظل من مكونات التخطيط التنموي منذ صدور أول خطة للتنمية عام 1970م، وحتى الخطة التاسعة الحالية، وهو هدف تنويع مصادر الدخل القومي. هدف لم يتحقق، وبقي الاقتصاد السعودي يعتمد بشكل رئيسي على البترول كمصدر أساسي للدخل القومي، وهو ما يجب تغييره، ليس فقط لأن البترول مصدر غير متجدد ومصيره للنضوب، بل لأن القطاعات الاقتصادية الأخرى التي يجب تنميتها وتطويرها لتنويع مصادر الدخل القومي، هي قطاعات إنتاجية تسهم بشكل صريح في زيادة القيمة المضافة في الاقتصاد، وذلك هو المدخل الحقيقي للتنمية الاقتصادية. *رئيس دار الدراسات الاقتصادية – الرياض.