يستعد نحو نصف مليون سعودي خلال إجازة الحج لإنفاق ما يزيد عن ثلاثة مليارات ريال، في مدة لا تتجاوز الأسبوعين، تستحوذ مدينة دبي منها على نصيب الأسد، إذ تبلغ حصتها من هذه «الكعكة» نحو 70%، خلال فترة لا تتجاوز الأسبوعين فقط. ويقدر مختصون في القطاع السياحي فاتورة السياحة السنوية للسعوديين بنحو 36 مليار ريال، أي ما يعادل 9.6 مليار دولار، نسبة 80% منها تنفق على السياحة الخارجية، ونحو 18 إلى 20% على السياحة الداخلية، ورغم تلك الفاتورة التي يضخها السياح لمصلحة السياحة الداخلية، التي يرى البعض أنها كبيرة، إلا أن العوائد الاستثمارية للعاملين في القطاع تبدو ضئيلة للغاية، وتتراوح بين 5 إلى 7%، وفي أحيان كثيرة يشتكي أصحاب المنشآت السياحية والفندقية من الخسائر التي يتكبدونها، لذلك حَجَمَ كثيرون عن خوض غمار هذا المجال. وهنا يثار التساؤل: لماذا يذهب السعوديون بهذه الأعداد الكبيرة إلى دبي والبحرين وغيرهما من المناطق السياحية ؟ وما الذي يميز هذه الأماكن عن مثيلاتها في جدة، والدمام، والخبر، والرياض، والطائف، وأبها، وغيرها؟ ولماذا تغيب ثقافة السياحة الداخلية تماما عن مخيلة السعوديين لا سيما السياحة التاريخية؟ وما هي معوقات السياحة الداخلية؟ وما هو المطلوب لجعل السياحة مصدرا مهما من مصادر الدخل القومي، بجانب النفط؟ وهل توجد خطط وطنية لتنمية وتطوير السياحة الداخلية؟ ولماذا تغيب مشروعات الاستثمار السياحي في المملكة؟ كل هذه التساؤلات وغيرها كثيرٌ، تؤكد حقيقة أن السياحة السعودية أضحت صناعة تحتاج إلى اهتمام، لا سيما ما يمكن أن نطلق عليه «السياحة الدينية»، فهناك ما يزيد عن المليار ونصف المليار مسلم في العالم قلوبهم معلقة ببلد الحرمين الشريفين، لكونه مهد الحضارة الإسلامية ما يجعله محل جذب سياحي، حيث يقصد المسجد الحرام والمسجد النبوي الملايين من المسلمين لأداء فريضة الحج ومناسك العمرة. ويعوِّل كثيرون على قطاع السياحة في تحفيز النمو الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، وتوليد مزيدٍ من فرص العمل، وتحسين وضع ميزان المدفوعات، لا سيما أن هذا القطاع ساهم في تطور الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تجاوزت 7.2% في العام 2011. وهذه نقطة يجب استثمارها عند التخطيط لنوعٍ كهذا من السياحة، وكذلك السياحة التاريخية وما أكثر هذه الأماكن في المملكة، إلا أن الوعي المفقود بها، وعدم الترويج والدعاية الكافية لها جعلها غائبة تماما عن الأذهان. ومن هنا نقول: إن المسؤولية مشتركة ولا يمكن تحميلها لجهة دون غيرها، وعلى كافة أجهزة الدولة أن تتكاتف وتتعاون، وأن تعيد النظر في التعاطي مع هذه القضية من منطلق أنها صناعة يجب استثمارها وتنميتها، ووضع الخطط والبرامج الجاذبة للمواطنين، إذ إن أكثر من 60% من السعوديين يفضلون السياحة الخارجية، ومن هذا المنطلق علينا أن نسعى جميعا لا سيما وسائل الإعلام وشركات السياحة والسفر إلى إبراز عناصر الجذب في سياحتنا الداخلية.