ليس شرطاً أن يحمل قنبلة ويفجرها لقتل أكبر عدد من الأبرياء، تكفي خطوة تافهة جداً تتسبب في إثارة غضب الملايين في كل أنحاء العالم. هكذا هم المتطرفون، لا ملة لهم ولا دين. هم من المسلمين كما المسيحيين كما اليهود. أو السيخ مثلاً، أو حتى ممَن لا دين لهم أصلاً. سيبقون ما بقي العالم، يحفرون بخبث ليثيروا العداوة والبغضاء والتنافر بين الأديان والشعوب. فيلم ''براءة المسلمين'' الذي عرضت مقتطفات منه على اليوتيوب وتسبب في موجة الغضب العارمة التي اجتاحت عواصم إسلامية وعربية، فيلم رديء ومن صُنع هواة متطرفين، حققوا مرادهم بعد طول انتظار، فهب الآلاف للتعبير عن غضبهم، فقتل السفير الأمريكي في ليبيا، وقتل أربعة أبرياء في اليمن برصاص رجال الشرطة، ناهيك عن العشرات من الجرحى الذين يظنون، خطأً، أنهم ينصرون رسول الله - عليه الصلاة والسلام - بينما هم في الحقيقة سلكوا الطريق الخطأ، كما أنهم أساءوا للإسلام من دون أن يعلموا. لا خلاف أن كمية الغضب كانت كبيرة، والحدث يستفز مشاعر كل مسلم، إلا أنها ليست المرة الأولى التي يتعمد جهلاء متطرفون إثارة غضب المسلمين، وفي كل مرة تتكرر الأخطاء ذاتها، ويساء للإسلام من بوابة نصرة الدين. وليس ببعيد عنا كتاب سليمان رشدي وكيف حقق من خلاله ثروة لم يكن يحلم بها بعد ردة الفعل التي أراد أن تكون كذلك. الدفاع عن الإسلام يكون عبر طرق المسار القانوني ورفع دعاوى على من قام بتلك التفاهة المسماة مجازاً فيلماً. الدفاع عن الإسلام يتم بقيام الحكومات الإسلامية بحملة دبلوماسية لدى حكومات الغرب توضح لهم الفرق بين حرية التعبير وحرية التدمير، الدفاع عن الإسلام بإيصال رسالته الحقيقية لمن تغيب عنهم. هكذا يتم الدفاع الدائم والمستمر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم وليس غضبا عارما يستمر أياما ثم يتناسون الحماسية التي كسروا وحرقوا وقتلوا بسببها. ولأن الغايات النبيلة غالباً ما تكون وسيلتها تخطئ الطريق، فقد تحولت ردود الفعل على الفيلم سيئ الذكر، إلى مزايدات لحب الرسول، وكأن بقية المسلمين لا يحبون رسولهم ولا يدافعون عنه إلا بالمشاركة في العنف أو التحريض عليه، فبعد حرق السفارات الأمريكية وما تبعها من أعمال غوغائية، ها هم يتحولون إلى تكسير وتخريب كل ما هو أمريكي، كما حدث في لبنان وبنجلادش من حرق لمطاعم جل العاملين فيها من أهل تلك البلاد، فقط لأنها صناعة أمريكية، وهؤلاء يذكروننا بمن يشتم ويلعن ويطالب حتى بح صوته بالمقاطعة لكل ما هو أمريكي، ووسيلته في هذه المطالبة حاسوب أو هاتف نقال أمريكي عبر برنامج تويتر الأمريكي، بينما هو مستمتع بهواء مكيف أمريكي، ولم يخبرنا لماذا لم يبدأ المقاطعة بنفسه. أما عيضة، وهو شاب سعودي، فقد فعل فعلاً بسيطاً كان مفعوله عظيماً، عندما دافع عن الرسول بفيلم قصير رائع باللغة الإنجليزية على اليوتيوب حصد حتى الآن 348 ألف مشاهدة، ما قام به عيضة هو الأكثر أهمية من كل تلك الأعمال الغوغائية التي رأيناها. لم تدعم عيضة شركة إنتاج، ولم يكن فعله ردة فعل وقتية، لكنه عندما أوصل رسالته كانت الأقوى والأكثر تأثيراً. أنصحكم شاهدوا فيلم عيضة bit.ly/PAEj5N واتركوا عنكم أفلام الأكشن الأخرى! نقلا عن الاقتصادية