كتب الأستاذ جعفر الشايب مقالاً بعنوان «السعوديون وقضايا الديمقراطية» نشر في صحيفة الشرق في عددها الصادر بتاريخ 2/9/2012م، وأستأذنه في استعارة العنوان بتصرف، جاء في مقال الأستاذ الشايب أن مؤسسة «مقياس الديمقراطية العربي» قد أجرت استطلاعاً للرأي في إحدى عشرة دولة عربية من بينها المملكة العربية السعودية حول القضايا السياسية الهامة في الوطن العربي، وأن نتائج الاستطلاع قد جاءت «مخالفة للتوقعات» حيث وضع المشاركون قضايا الفقر والبطالة وغلاء المعيشة على رأس القائمة أما الديمقراطية فلم تحظ باهتمام أكثر من 2% من المشاركين. لا أدري من هم الذين جاءت نتائج الاستطلاع مخالفة لتوقعاتهم، أما أنا فأحسب أن النتائج مطابقة للواقع حتى وإن خالفت التوقعات، فالذين خرجوا في تظاهرات سيدي بو زيد وميدان التحرير وفي زنقات بنغازي ومصراته وشوارع صنعاء وحارات حمص وغيرها لم يخرجوا مطالبين بديمقراطية مجلس العموم أو استفتاءات سويسرا الشعبية.. هؤلاء ثاروا احتجاجاً على الفقر والبطالة بالدرجة الأولى، وهي القضايا التي أحسن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز صنعاً حين بادر إلى التصدي لها عن طريق توسيع شبكة الضمان الاجتماعي وتقويتها وزيادة فرص العمل ومنح بدل للعطالة، وأضيف إلى هذه الهموم قضيتين أساسيتين وهما الإسكان وحماية الكرامة الإنسانية، وفي الإسكان أمر الملك يحفظه الله بتنفيذ برنامج النصف مليون مسكن وزيادة عدد قروض الائتمان وحجمها في صندوق التنمية العقارية، أما كرامة الإنسان فهي ولله الحمد محفوظة في بلادنا حيث لا يواجه المواطن ما يواجهه أشقاؤه في بعض البلاد العربية الأخرى من ذل ومهانة لدى الدوائر الحكومية أو من قبل جنود الأمن وضباطه، وما زالت بلادنا تنعم بالأبواب المفتوحة التي تتيح للمواطنين فرصة الوصول إلى المسئولين كباراً وصغاراً ومحاورتهم، بل وإحراج بعضهم باليوتيوب إذا اقتضى الأمر. تبقى قضية الديمقراطية وهي بمفهومها العام مازالت تنحصر في تقديري ضمن اهتمامات النخبة، ولكننا ان ترجمنا الديمقراطية إلى مفاهيم المساءلة والمحاسبة ومحاربة الفساد والمحسوبية ومنع الاستئثار بالمناصب والإثراء غير المشروع فإن الاهتمام بها سوف يرتقي في سلم الأولويات بشكل سريع.. ولقد رأينا في الاستطلاع ذاته أن المشاركين السعوديين لم يرفضوا الديمقراطية فلقد عبر 58% منهم عن أنهم لا يعتبرونها نظاماً متعارضاً مع الإسلام في حين رأى 45% أن النظام الديمقراطي أفضل من غيره.. وهذه النتائج تشير إلى أن على المفكرين والنخبويين أن يتحدثوا عن الديمقراطية بمفاهيم تقترب من اهتمامات الناس وتحقيق تطلعاتهم بعيدا عن التنظير أو الطوباوية. نقلا عن المدينة