إطلاق أكثر من 30 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد الملكية    رئيس الوزراء الهندي في المملكة    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر العسيري المتنازل عن قاتل شقيقه    العلاقات السعودية الهندية.. شراكة إستراتيجية وتعاون مثمر    عودة رائد الفضاء دون بيتيت بعد 220 يوما    تدريب الطلبة على اختراق تطبيقات الويب    شاهد|الأهلي يتخطى الوحدة بثلاثية في" روشن"    خلال اجتماع لجنة المتابعة والتشاور السياسي.. وزير الخارجية ونظيره المصري يبحثان تعزيز التنسيق المشترك    أبطال الرياضات القتالية في السعودية متحمسون للموسم الثاني في جدة    السجن والغرامة لمستخدمي ملصقات الوجه على WhatsApp    غرامة 50 ألف ريال للوافد المتأخر عن مغادرة المملكة    مجلس الوزراء يوافق على إنشاء غرفة عمليات لاستقبال ومعالجة بلاغات الاحتيال المالي    رئيس الشورى يستقبل السفير الجزائري    مباحثات سعودية - عراقية لتعزيز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية    ارتفاع أسعار الذهب إلى مستوى قياسي جديد    أمانة الشرقية تنظم معرضًا للابتكار والإبداع    إطلاق «مركز الابتكار» لتقنيات الحكومة الرقمية الحديثة    ولي العهد ورئيس وزراء الهند يعقدان جلسة مباحثات رسمية.. ويرأسان مجلس الشراكة الإستراتيجية    محمد بن ناصر: فرسان تشهد تنميةً وتطوراً    أمير الرياض يستقبل السفير الإندونيسي    شلال دم لا يتوقف.. الاحتلال يُواصل حرب الإبادة الجماعيَّة على غزة    مجلس الوزراء يؤكد الحرص على معالجة ارتفاع أسعار الأراضي    أمانة مكة تعلن ضوابط الشهادات الصحية للحج    أمير الباحة يشيد بالابتكارات البحثية    «التواصل الحضاري» يدرّب 89 طالبًا من 23 جامعة    معرّفات ظلامية    أمير المدينة المنورة يطلع على جهود "الأمر بالمعروف"    دليل الرعاية الصحية المنزلية.. خارطة طريق لكفاءة الخدمات    «صحي نجران» يُدشن عيادات لعلاج السمنة    المملكة تستعرض تجربتها في تنظيم الطب التكميلي    أسباب الصداع الصباحي وآلام الفك    فريق عمل مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية ينهي أعماله    المصادقة على مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية    "هيئة الأدب" تدشن جناح مدينة الرياض في معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    عالم خلف العدسات نعرض حياتنا لا نعيشها    بائع البوظة يؤكد تهافت الرواية التاريخية    مؤتمر مكة منصة لتجديد الخطاب وتعزيز القيم الإنسانية    قوميز: مواجهة الرياض نهائي جديد    7.7 مليار ريال أثر مالي لكفاءة الإنفاق بهيئة تطوير المنطقة الشرقية    ما الأقوى: الشريعة أم القانون    7 مليارات ريال تمويل القروض الزراعية    1.2 مليار ل61 مصنعا غذائيا    نائب أمير الرياض يُشرف حفل السفارة الأمريكية بمناسبة ذكرى اليوم الوطني    "جامعة جدة" تحتفي بأبطال المبارزة في بطولة المملكة للمبارزة SFC    موجبات الولادة القيصرية وعلاقتها بالحكم الروماني    تحذيرات من الإفراط في التفاؤل بالمفاوضات الإيرانية الأمريكية    أمير الشرقية يرعى حفل تخريج الدفعة ال 46 من طلاب جامعة الإمام عبد الرحمن    رئيس المالديف يستقبل البدير    مدير عام التعليم بالطائف يلتقي بفريق مشروع التحول بالوزارة    محافظ الطائف يطلق ملتقى أفهموني لدعم أطفال وأسر التوحد    أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية أفغانستان لدى المملكة    تعليم الشرقية يحقق مراكز متقدمة في ملتقى "الربيع" التدريبي 2025    الرئيس العام للهيئات يلتقي منسوبي فرع المدينة المنورة    انطلاق فعاليات المعرض المصاحب لأسبوع البيئة بتبوك "بيئتنا كنز"    رائد فضاء يعود في يوم عيده ال70 إلى الأرض    إطلاق مبادرات مشتركة لخدمة المجتمع وترسيخ القيم.. الثقافة توقع اتفاقية مع "تيك توك" لتطوير مهارات المواهب    الأمن العام يحذر: الرسائل المجهولة بداية سرقة    مُحافظ وادي الدواسر يفتتح دراسة مساعدي مفوضي تنمية القيادات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ممارسة الحرية تقنياً
نشر في الوكاد يوم 22 - 07 - 2011

لا يخرج مفهوم الحرية عن الحيز النظري إلا حين نراه تطبيقاً على أرض الواقع. حين نرى الواقع الحر في دولة متقدمة نتذكر غياب الحريات في الواقع العربي المدعي للحرية، من خلال استلاب هذه الحرية بأسماء ومبررات متعددة، كلها تفيد بأن هذه المجتمعات العربية تسير في طريق اللاحرية، رغم الاهتمام بحقوق الإنسان كتنظير وكمنظمات تحاول أن تكون جزءاً من المنظمات الدولية الحقوقية، ولكنها مع الأسف تفقد قيمتها في ظل الهدر الذي يعانيه الإنسان العربي في حريته وهي بمعنى آخر كرامته. من السهل أن نجد مواطناً عربياً يحلم بترك وطنه، ربما ليس بدافع طلب الحريات السياسية كما يفعل المعارضون السياسيون، ولا بدافع تحسين الوضع الاقتصادي المنتشر نتيجة سوء توزيع الثروات، وإنما بدافع الحلم بالحرية الفردية.
غياب ممارسة الحرية بشكل جماعي يدفع إلى مثل هذه التوجهات، فالواقع الاجتماعي والسياسي في بعض بلدان الوطن العربي يجبر الفرد على العيش بقيم مستلبة ومشوهة؛ رغم أنها مستلهمة من ماض مشرق ومضيء، إلا أنها من الناحية التطبيقية تعكس غياباً لنزعة الاستقلالية والتصرف الفردي وفق المبدأ الإنساني: أنت حرّ ما لم تنل من حريات غيرك.
وبما أن مفهوم الحريات الشخصية يرتبط بأنظمة الدول والأمكنة التي يعيش فيها الفرد، فمن المفترض أن يكون القانون هو الحد الفاصل بين حرية شخص وآخر، فالقمع الاجتماعي هو نتيجة للقمع السياسي، ولذلك تكونت في كثير من البلدان العربية طبقات اجتماعية متسلطة على طبقات أخرى؛ ولذلك فإن المعيار المهم في الحرية هو البعد عن التسلط وخاصة أن المجتمعات، كلها بلا استثناء، تعي كونها محترمة أم لا من خلال سيادة القوانين التي تحفظ لها كرامتها، ولذلك نرى أن الشعوب العربية التي انتفضت هذا العام ضد التسلط السياسي، كانت تعيش حالة أشبه باليأس من كونها أصبحت سلعاً تتقاذفها الطبقات، وهذا الأمر سرّع بفكرة الثورة من جهة، والهجرة الخارجية من جهة أخرى، طلباً للحرية المنشودة، التي ما زالت هاجساً يراود الكثير من الشباب والفتيات، وخصوصاً تلك الفئة الواعية المنفتحة التي يراودها شعور بوجودها في الزمان أو المكان الخطأ، في ظل إحساس مستمر بتقلص هامش الحريات الفردية بكل زواياها وأنواعها، ولطالما ارتبط تضييق هامش الحريات في العالم العربي بالظروف السياسية، لكنه يرتبط بثقافة المجتمع، والظروف الاجتماعية التي تحركها هذه الثقافة، ولذلك نجد أحياناً أن الظروف تكون مهيأة ومناسبة لرفع أسقف الحريات، غير أن بعض الأنظمة تبدأ فعلا بالتخبط وعدم التخطيط للتغيرات الاجتماعية والثقافية التي تطرأ على المجتمعات والثقافة، كجزء من التغيرات التي تحصل في العالم بأسره، ولهذا أخطأت الأنظمة العربية-التي سقطت- في مكابرتها بالإذعان لمطالب مجتمعاتها وزادت حجم القمع فآل مصيرها إلى ما آل إليه، وربما هناك دول أخرى استطاعت أن تمتص غضب شعوبها بسن خطط وقوانين جديدة من شأنها توسيع رقعة الحريات والمشاركة السياسية والاجتماعية، متنازلة عن خططها السابقة التي أعاقت لزمن تقدم ممارسة الحرية، ولهذا ليس غريباً أن يشعر المواطن العربي في ظل مثل هذه الظروف بأنه سجين ومقيد، حيث لا معايير واضحة أمامه لقراءة الواقع الذي يعيش فيه، إلا من خلال معايير السياسة التي تجعل الفرد خاضعاً لهذه الإرادة.
وفي المقابل هناك الإذعان لثقافة المجتمع التي تحد أيضاً من تقدم الفرد في نيله حريته الخاصة، وهذا يؤدي إلى الازدواجية الاجتماعية التي من شأنها تغييب التفكير بالحرية كمبدأ ضروري ومهم لدى الإنسان، فالرقابة التي تمارَس بلا ضوابط ولا قوانين واضحة، تشكّل عائقاً من الاستلاب، لأن هناك تجهيلا للفرد في حقوقه وواجباته وحريته، ولكن رغم ذلك يشهد العالم العربي ثورته الخاصة في المجال التقني، فما لا يمارس في عالم الواقع تتم ممارسته في العالم الافتراضي، ولذلك نشأ ما يعرف بالإعلام الجديد كوسيلة موازية للإعلام الرسمي، فنشأت قيم جديدة وأفكار متحررة من الالتزام بالازدواجية كما هو سائد، إلا أن ذلك ربما لا يتجاوز الحدود التقنية، لكنه لدى الأجيال الجديدة بات يمثل نواة لما يمكن التفكير به في الواقع، وبالتالي نجد أن يظهر شيئاً فشيئاً إلى أرض الواقع ليمارس ممارسة طبيعية رغم كل الظروف.
نحن في هذا العام نعيش زمن الثورات العربية، وقد وجدنا أنها بدأت من التقنية أولاً كتعبير متجاوز للواقع، إلا أن ما حصل لا يمكن للمواطن العربي إلا أن يشعر ويتأثر به، فيحس بأنه حر فعلاً إذا ما خرج عن قيد المكان والزمان؛ لأنه بخروجه هذا يتحرر من ثقافة الانغلاق والكبت، ليمثل جزءاً من منظومة الحرية التي تسود العالم، وهنا يأتي عامل مهم هو رفع سقف الحرية لئلا يتراكم الكبت، فيسود هناك اعتقاد بأن الظروف أفضل، لكنها تنقلب إلى الأسوأ، فما يلبث الخناق أن يضيق فجأة لأسباب غير منطقية في زمن لا حدود فيه، فكل حدوده فضاءات واسعة لا يمكن التحكم بها إلا من خلال تنمية قناعة الإنسان بوعيه بأهمية حريته وحرية الآخرين.. فالتقنية صنعت واقعاً حراً رغم كل الحدود والقيود.
نقلا عن الوطن السعودية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.