حين يتحول الشاعر والمفكر إلى بهلوان فإنه يمكن أن يرفع سيفه في الأعالي ويصرخ صرخة مدوية في منتصف الميدان ثم يختار زاوية مظلمة كي يقشر بسيفه المهند البصل!، هذا ما فعله أدونيس في رسالته المفتوحة إلى الرئيس السوري التي نشرتها جريدة السفير؛ فقد تلاعب بالكلمات محاولا إيهام المارة بأنه يتخذ موقفا صارما من الأحداث في سوريا، ولكن أي قارئ كان بإمكانه اكتشاف الخدع اللغوية التي كان يمارسها أدونيس في تلك الرسالة وأنه في كل سطر من سطور تلك الرسالة كان يطبل ويزمر بل .. ويتوسل!. لقد تقمص الشاعر (العاشق للحرية!!) دور ساحر من الدرجة الثالثة في سيرك متنقل، مارس ألعاب الخفة وخداع البصر إلى ما لا نهاية، أخرج الأرانب من قبعته وأدخل المناديل الملونة في أكمامه ونثر القطع النقدية من أنفه ولكن الجماهير المنكوبة لم تقتنع أبدا بهذه الفقرة المشحونة بالمكر والخداع. بدأ أدونيس رسالته بعبارة (السيد الرئيس .. لا يصدق العقل ولا الواقع أن الديمقراطية سوف تتحقق في سوريا مباشرة بعد سقوط نظامها القائم، لكن بالمقابل لا يصدق العقل ولا الواقع أن يظل النظام العنفي الأمني في سوريا قائما) .. إنها الكتابة بالممحاة التي تحدث عنها فيما مضى من الزمان حيث لم يتحدث أحد عن تحقق الديمقراطية (مباشرة) بعد سقوط النظام!، ولكن الحديث كل الحديث يتركز حول أنهار الدم التي تجري في الحارات العتيقة والقناصة الذين يصوبون بنادقهم تجاه صدور الأبرياء في المدن والقرى السورية. كان أدونيس يهرب من صور القتل والتعذيب والاعتقال كي يتحدث عن العرب الذين لم يعرفوا الديمقراطية في تاريخهم وعن الثوار الذين يحملون أفكارا (سلفية) و(طائفية) وعن الدين الذي يعوق تقدم المجتمعات ويتصادم مع الديمقراطية وعن حزب البعث الذي يحتكر السلطة وعن صراع الأيدلوجيات وعن كل شيء في كل شيء ولكن الرسالة الطويلة (المفتوحة) لم تحمل عبارة إدانة واحدة لعمليات القمع والسحل والتعذيب التي هزت العالم أجمع!. وفي نهاية الرسالة حرص أدونيس أن يوجه نصائحه للسيد الرئيس قائلا: «ولابد بوصفك خصوصا رئيسا منتخبا من أن تمهد لتداول السلطة بموجب اقتراع حر بلا شروط مسبقة) ... ألم يسبب لكم وصف (رئيس منتخب) تلبكا معويا؟! ...هل هذا هو الشاعر الذي ظل لنصف قرن يبحث عن الحرية؟!. نقلا عن عكاظ