في مجتمعنا اشخاص يعشقون التطرف، فهذا الشاب الذي أول ما درج على طريق العلم، وعند بدء الحوار الوطني، قدم بحثاً مع زميل له، حمل فيه مناهجنا الدراسية ومقرراتها كل مشاكلنا، واستشهد بنصوص منها على ما يريد اثباته، ثم لم يلبث إلا قليلاًً ليرتد إلى الطرف الآخر، الاكثر تطرفاً، وأخذ المتطرفون يروجون له مقالات كلها مغالطات، لا صلة لها بعلم شرعي منضبط، له اصوله وقواعده، وأخذ يروج مقالاته هذه صحفي، آل أمره لترويج مثل هذه المقالات عبر مجموعة بريدية له الكترونية وعبر برنامج تلفزيوني له في إحدى الفضائيات، وتنتشر حتى خارج البلاد عبر جريدة اسمها المصريون، وقد خرج علينا المروج بمقالة لهذا الشاب العاشق للتطرف دائماً، وفي كل المواقف، ولأي جماعة انحاز، هذه المقالة تتحدث عن رايات جاهلية مزعومة في بلادنا، حاول بجهل فيها ان يعرف الراية التي يعنيها ففشل، رغم دعواه أن مسألتها ليست شكلية، وينتزع عبارات منزوعة من سياقها لعلماء فضلاء من علماء الأمة قديماً وحديثاً، لا يمكن ان ينسب اليهم شيء من هذره، فهو يقولفي فترة مضت كانت هناك سيطرة غالبة لراية الاسلام والاسلامية، وكانت رايات الجاهلية في ضعف في واقعنا المحلي، وقد لاحظت مؤخراً أن هناك زحفاً لرايات الجاهلية، بدأت تزاحم راية الاسلام والاسلامية، واكثر ما يؤلمني دخول بعض المنتسبين للدعوة في هذا الامر، واهم هذه الرايات رايتا الانسانية والوطنية) أرايتم كيف ينتهي التهويل المروج له بجاهلية جديدة مزعومة، فالمتحدثون عن الوطنية والإنسانية عند هذا الرجل، هم حملة رايات جاهليته المزعومة، وسلفه فيها الاستاذ سيد قطب الذي يقول عنهأما سيد قطب - عليه شآبيب الرحمة - فقد شحن كتبه بالتحذير من هذه الرايات الجاهلية، حيث يقول: (قد حارب الاسلام هذه العصبية الجاهلية في كل صورها واشكالها، ليقيم نظامه الإنساني العالمي في ظل راية واحدة: راية الله، لا راية الوطنية، ولا راية القومية ولا راية البيت أو الجنس، فكلها رايات زائفة لا يعرفها الاسلام)، وهذا بصريح العبارة يعني عودة التطرف إلى عقول شبابنا، فهو إنما يتسرب إلى أذهانهم عبر مثل هذه المقالة، أو خطبة في مجالس تضمهم، يلقيها عليهم مثل هذا الشاب المتطرف، أو رحلات تعد لهم يبث فيها مثل هذا الفكر، فإذا المجتمع كله عندهم جاهلي، يجب محاربته لإعادته كما يظن الجاهلون إلى دينه، ويذكرنا هذا الشاب عبر مقالته هذا بما سبق العنف الذي استشرى في أوطاننا الإسلامية، بدعوى أنها مجتمعات جاهلية عبر مطالعات جماعية في كتب الاستاذ سيد قطب، والمودودي، والندوي، ثم يذكرنا بكتابين حملا عنوانا واحداً هو (خصائص جزيرة العرب) اتخذهما المتطرفون مرجعاً للقيام بتكفير وتفجير، ليشنوا على المجتمع حرباً لا هوادة فيها، لمجرد أن البلاد تستقبل من غير المسلمين عمالا وعلماء ودبلوماسيين وساسة، وهذه المقولة الخبيثة تنادي بأمر غريب لا يتفتق عنه ذهن أحد إلا مثل هذا العاشق للتطرف حيث يقول: ( ولذلك تلاحظ بعض أصحاب الرايات الجاهلية يقدم من يستغيث بالحسين على المسلم الموحد، لأن الأول مواطن معه في بلده، والثاني أجنبي غير مواطن يعيش في أفريقيا، وفي مثل هذه التطبيقات يتضح فعلا خلل الرايات الجاهلية ومعارضتها لأصول الإسلام)، ولعله في مرحلة لاحقة يفرزها هذا الفكر المظلم ينادي بترحيل هذا الذي زعم أنه يستغيث بالحسين، أو يرميه في البحر، ويستقدم من مجاهل أفريقيا من يوافقه الرأي والفعل، وليدعو بعد ذلك بقذف من ظنه مبتدعاً بمعاييره الفاسدة خارج الحدود لوهم أن له مشاركا في الوطنية والإنسانية يقدمه على السني الذي هو مثال له، وبمعاييره هو، وهذا بزعمه يحمل راية جاهلية، وهو يريد أن يخرج من الوطن كل من لا يوافقه على رأيه الفاسد، واعتقاده الباطل، بل ويحكم بخروجه من الملة، مستشهدا على ذلك بحديث (من قتل تحت راية عمية) بالألفاظ لا أصل لها في الحديث، الذي نسبه إلى صحيح مسلم برقم 4894 والحديث في غير هذا الموضع وصحة الفاظه كما رواه جندب بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من قتل تحت راية عُميّة يدعو عصبية أو بنصر عصبية فقتله جاهلية)، ولا صلة للحديث بما يطرح هذا الشاب المغتر بنفسه، فاللهم أعذنا من دعوات تقذف بأهلها إلى النار وأحمِ بلادنا منهم إنك سميع مجيب،،. نقلا عن المدينة