في الآداب المعاصرة غالباً ما يُصوَّر الليبرالي على أنه مسالم، منفرد، بوهيمي، فوضوي، متسامح، مخالف، متواضع، فقير.. لا يهتم لو عارض الجميع في رأيه أو مظهره.. أو قال أو ظهر بخلاف ما يراه الناس ولو سار وحيداً. 2 - ولأن من صفات الليبراليين أنهم مسالمون فقد وصفوا بالجبناء لأنهم لا يقفون جماعات في سبيل قضية أو موقف بل يقفون فرادى.. وأقصى ما يفعلون في حالة رفضهم لواقع أو حدث هو إبداء رأيهم ثم الانزواء بعيداً مع احتفاظهم بحق الاحتجاج الصامت.. بكتابة شكوى أو حمل لافتة والوقوف منفرداً على الطريق. 3 - لذلك لن تجد جماعة ليبرالية متفقة يضمها حزب واحد وتقول بقول واحد ولها غاية واحدة وأهداف محددة وجدول زمني محدد.. لكن يوجد أفراد منتثرون يتفقون على مضامين وأهداف عامة، لكن كل فرد فيهم يختلف على تفاصيل تلك المضامين كما يختلفون على طريقة تحقيقها والوصول إليها.. فكل فرد له حريته الشخصية التي تضيق وتتسع وفق بيئته التي تربى فيها.. فالليبرالي السويدي مثلاً يختلف عن الليبرالي اللبناني.. وهذا يختلف عن المصري الذي هو الآخر يختلف عن السعودي.. وهكذا. 4 - فردية الليبرالي حمته من الاعتداءات الجماعية أو ما يسمى بالاجتثاث.. لذلك لم يتعرض الفكر الليبرالي للاجتثاث في أيّ بلد كما حدث لليهود والنازيين والشيوعيين والإخوان المسلمين وأخيراً البعثيين. 5 - الليبرالية ليست مذهباً أو حزباً أو تياراً فكرياً له قديسيته ودعاته وقادته.. بل هي حالة شخصية فردية غايتها تأمين الحرية الشخصية لكل فرد.. وأن للفرد الحق في التفكير والتصرف بالطريقة التي تروق له أيّ (أن ينام على الجنب الذي يريحه).. وهذه النزعة في التعامل مع الآخرين هي قبل ذلك خصلة تولد مع المرء.. لهذا نجد الإسلامي الليبرالي والشيوعي الليبرالي.. فالليبرالية مرتبطة بإحساس عال بالذات.. والذي ولد بتلك الخصلة يصعب توظيفه لصالح جماعة أو حزب أو تنظيم.. فالعمل مع هذه الكيانات يعني بالنسبة له استلاب الرأي والقرار وبالتالي العقل وهو مدار الحرية. 6 - فردية الفكر الليبرالي أفقدته الفرصة لظهور قيادات أو تنظيمات مدنية أو سياسية.. لذلك فليس من غايات الليبرالي الحقيقي السلطة. 7 - يسير الليبراليون في اتجاهات مختلفة وإن اتفقوا في الغاية النهائية وهي الحرية الشخصية.. لذلك توصف الليبرالية بأنها مبدأ بينما توصف الأفكار الأخرى من إسلامية أو شيوعية أو علمانية بأنها نظام عمل محدد مقنن.. الجميع مسخر لخدمة مسعاها وأهدافها ولو دفع حياته ثمناً لها. 8 - من هنا من الذي يمكنه أن يكون خصماً للحرية؟!.. الليبراليون يقولون إنهم هؤلاء الأتباع الذين قيل لهم نصف الحقيقة وحُجب عنهم النصف الآخر.. أو هؤلاء الذين يحسّون بالضآلة أو العجز أو الخوف من التغيير.. أي هؤلاء الذين يريدون حجب الحرية خوفاً على مصالحهم أو خوفاً من اهتزاز دواخلهم المملوءة بالريبة والتوجس من التغيير والتجريب والتقدم. 9 - الوسطي ليبرالي. نقلا عن الجزيرة