على مدار نحو أربع ساعات متواصلة استعرض المخرج المتألق داني بويل تاريخ الأمة البريطانية أمام عشرات الآلاف من الجماهير والرياضيين في الاستاد الأولمبي الجديد بالعاصمة البريطانية لندن. وبهر بويل الجميع بحفل الافتتاح الراقي لدورة الألعاب الأولمبية (لندن 2012) والذي شهد مساء أمس افتتاح فعاليات الدورة الأولمبية الثلاثين رسميا. وبدأ الحفل بلمحة من الدراج المتألق برادلي ويجنز وانتهى بتمرير الشعلة الأولمبية إلى جيل جديد ، وبين هذا وذاك كانت الفقرة الأكثر إثارة من خلال فيلم مصور يمثل هبوط جيمس بوند ومعه الملكة البريطانية إليزابيث الثانية على الاستاد الأولمبي بمظلة بعد رحلتهما من قصر باكنجهام بطائرة مروحية.
وبمشاركة أكثر من سبعة آلاف فرد منهم بعض الأطفال ، استعرض بويل تاريخ بريطانيا وموسيقاها ومجموعة من أبرز أفلامها قبل أن يبدأ طابور العرض الذي شارك فيه آلاف أيضا من الرياضيين والرياضيات الذين يمثلون 204 دول تشارك في الأولمبياد على مدار الأيام المقبلة.
وامتزجت كل هذه الأمور في استعراض ومهرجان رائع ومتعدد الثقافات. وكانت فقرة الملكة إليزابيث بمثابة طبقة الكريمة التي تزين وجه الكعكة. وأمام أفراد العائلة الملكية في بريطانيا وسيدة الولاياتالمتحدة الأولى ميشيل أوباما وعدد من أشهر الشخصيات من شتى مجالات الحياة ، كانت التحية الكبرى من نصيب البعثة البريطانية لدى دخولها إلى أرض الاستاد في ختام طابور عرض البعثات المشاركة. وفي كلمته أمام الحضور ، قال البلجيكي جاك روج رئيس اللجنة الأولمبية الدولية إن بريطانيا كانت "مقرا لولادة الرياضة الحديثة" وإن الأولمبياد "عاد لبيته" قبل أن يسلم الكلمة إلى الملكة إليزابيث الثانية لتعلن عن افتتاح فعاليات الدورة التي تستمر حتى 12 أغسطس المقبل.
وعندما وصلت الشعلة أخيرا إلى الاستاد الأولمبي عبر نجم كرة القدم الإنجليزي المخضرم ديفيد بيكهام وذلك على متن قارب سريع ، شارك عدد من أبرز الرياضيين الأولمبيين في تاريخ بريطانيا مثل سير ستيف ريدجريف ودالي طومسون وماري بيترز وكيلي هولمز مع سبعة لاعبين شبان في إيقاد المرجل الأولمبي بوسط الاستاد. وشارك نحو 15 ألف من المتطوعين في الإعداد لهذا الحفل وتنفيذ فقراته وبلغت تكلفته 27 مليون جنيه استرليني (نحو 42 مليون دولار) . وشارك في الحفل كل من بيكهام والممثل كينيث براناه وجيه كيه رولينج مؤلفة هاري بوتر والممثل الكوميدي راون أتكينسون (مستر بين) وغيرهم كثيرين. وظهر أتكينسون وسط أوركسترا لندن السيمفوني وأثار ضحك الجماهير من خلال نقل الصورة إلى فيلم مصور لمجموعة من الأشخاص يركضون على الشاطئ وهو مشهد من فيلم "شاريوتس أوف فاير" .
وهطلت الأمطار عندما اقتربت عقارب الساعة من التاسعة مساء بتوقيت لندن وهو الموعد المقرر لانطلاق فعاليات الحفل ولكن هذه الأمطار الخفيفة اختفت قبل أن يدق ويجنز الجرس الأولمبي الضخم الذي علق في الاستاد. ونال ويجنز شهرة كبيرة واهتماما بالغا في الفترة الماضية بعدما أصبح أول بريطاني يفوز بسباق فرنسا الدولي للدراجات (تور دو فرانس) وذلك في وقت سابق من الشهر الحالي.
وتحول الاستاد الأولمبي ، الذي يستضيف العداء الجامايكي الشهير أوسين بولت والعديد من أفضل نجوم العالم على مدار ال16 يوما المقبلة ، إلى اللوحة التي رسمها بويل لبريطانيا. ورصدت هذه الصورة كلا من الريف الإنجليزي ومراعي بريطانيا والثورة الصناعية وفقدان حياة الآلاف في الحربين العالميتين الأولى والثانية وأزمة الثلاثينيات من القرن الماضي وخدمة الصحة القومية التي ظهرت في 1948 ومجموعة من أبرز الأفلام والموسيقى والقرن الحادي والعشرين بما فيه من إعلام إجتماعي دون نسيان أي شيء.
وفي فقرة اقتربت بالحفل من نهايته ، أوقدت مراجل حول مضمار الاستاد لتبث الحرارة في المدرجات التي ظلت ممتلئة رغم استمرار الحفل لأربع ساعات. وبعدها أوقد المرجل الأولمبي لتنطلق فعاليات الدورة الأولمبية الثلاثين وهي الثالثة التي تستضيفها لندن بعدما استضافت دورتي 1908 و1948 .