"سعيد" رجل ليس له من اسمه نصيب في الدنيا، ضاقت به الواسعة وتنكدت عيشته، فوالده قد هجر أمه وخاصمها حتى طلقها بعد عِشرة عمر طويلة، وبعض إخوته في شجار وخلاف منذ ما يقرب على العام، فلا أفراح تجمعهم ولا أتراح تلينهم، و"سعيد" قد ذاق الأمرين من زوجته العنيدة الملحاحة، التي تطالبه صباح مساء بكلمات الحب والغزل، وتلح عليه بالسفر والتنقل، لكن نفسه الأبية تأبى الوعود المكذوبة، وظروفه المادية لا تساعده على تحقيق مرادها المكوكية.. صاح به صديق عمره، وصاحب دربه، وأنيسه في استراحته "جابر": يا كذاب ليش ما تكذب وتحل مشاكلك؟!!.. استنكر سعيد هذا الخطاب من "جابر".. ورد عليه: تطلب مني أكذب؟؟!! ليش؟ الكذب مو حرام؟؟.. "جابر": وما عرفت يا "سعيد" إنه حرام إلا الليلة؟!!.. نحن كل ليلة نتسلى بكذباتك –المصفّحة- التي تضيق بها الاستراحة،، وترتفع عليها ضحكاتنا لتكسر جدار الصمت و تُصخب سكون الليل.. أبشرك يا "سعيد" أن كذبك لحل مشكلاتك سيخفف عنك آثام مصفّحات الاستراحة.. قالها "جابر".. والكذب في حل مشكلاتك شيء مشروع ومسموح ومستثنى من التحريم العام للكذب.. فالكذب في الحرب والكذب على الزوجة والكذب للصلح لا إثم فيه كما ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.. استبشر "سعيد" بهذا النصح، وفرح لاستحلال هوايته الخاصة.. فألذ شيء؛ هوىً وافق شرعاً، كما يقولون، وقرر أن يبدأ من الغد أسبوع الكذب.. نعم أسبوعا للكذب الحلال.. بدأ بزوجته، فصب عليها الثناء والغزل صباً، ومنّاها بمثل رحلات ابن بطوطة، حتى هدأت نفسها وقامت بصنع البسبوسة له!!.. اتصل بوالده وجهز له كذبة مصفحة على لسان والدته بأنها تقدره وتحبه وتحترمه وترغب العودة إليه.. فهو شهم كريم طيب.. وفعل نفس الشيء مع والدته عندما زارها.. ونقل مشاعر والده الخيالية بأن حياته بعدها لا طعم لها ولا لون،، وأنه سيعيدها ويتمنى أن تقبل بالرجوع إليه.. وفعلا تحقق ما أراد بفعل المصفحات!!.. حادث إخوته المتشاحنين، وركب لهما كذبة لا يمكن اختراقها (مصفحة).. حتى عادت المياه لمجاريها.. عندها سَعِد "سعيد"، وعاهد ربه على استخدام هوايته –الكذب- في الخير والإصلاح بين الناس.. ودمتم سالمين سعيدين مصفّحين في الخير،،، عبدالرزاق الثمالي [email protected]