الحيرة والتردد يتسيدان موقف كثير من الشباب والفتيات عندما يعلن والدهم موعد مأدبة زواجه الثاني، ليجدوا أنهم أمام حالتين متناقضتين من المشاعر، فبقدر فرح الأب يفرحون، وبقدر حزن الأم يحزنون، ويزاد الأمر تعقيداً حين تشترط الأم على أبنائها عدم حضور حفل هذا الزفاف، بينما يصر الأب في ذات الوقت على حضور أبنائه زواجه على والدتهم. مسؤولية الأبناء بداية، بيّنت "بدور مسلم" -22عاما- أن الفتيات غالباً يرفضن مشاركة والدهن فرحته عند زواجه الثاني في حال غضب وحزن الأم من هذا الزوج، لهذا يمتنعن عن الحضور لحفل زواج والدهن حفاظا على مشاعر الأم، وأن حضرن ستكون فرحتهن ممزوجة بالكثير من الألم فمن الصعب أن يتقبلن مشاهدة فتاة بمثل أعمارهن تزف إلى والدهن، مضيفة: "تقع المسؤولية على الأبناء في محاولة تخفيف حدة هذا الموقف خاصة لدى الأم، أما الأب فمن المفترض ان يحترم مشاعر زوجته الأولى وأبنائها، دون أن يشترط مسألة حضورهم زواجه"، مفضلة أن يكون الزواج في مثل تلك الظروف مختصراً، معتبرة أن المجتمع يمتلئ بالتناقضات غير المبررة، والتي تتسم في بعض الأحيان بالأنانية المطلقة، قائلة: "لا يجد الأبناء الذكور حرجاً أو مانعاً لحضور زواج والدهم، وهذا بالتأكيد حق شرعي للأب، بينما نجد أبناء يرفضون زوج أمهاتهم الأرامل ويصادرون هذا الحق الشرعي لها فلماذا يكون الأبناء أول المهنئين لزواج الأب، وأول الرافضين لزواج الأم مطلقة كانت أم أرملة". مهما كانت «رضاوة» الأولى.. البنات يجلسن عندها.. والشباب يحضرون غالباً تقديم القهوة وذكر "سلطان" أنه كان أول الحاضرين في مأدبة زواج والده للمرة الثالثة مقدماً القهوة للضيوف ومرّحباً بتواجدهم، قائلاً: "والدي لم يفعل شيئاً حراماً أو عيباً في المجتمع، بل مارس حقه الشرعي بالزواج ثانية وثالثة، وعدم حضوري مأدبتي زواجه لن يغيّر شيئاً من موقفه بالزواج، بل سيفتح للآخرين أبواب الانتقاد والتعليقات التي ربما تغضب والدي مني"، مستغرباً نظرة المجتمع النسائي التي تفسر الزواج الثاني للرجل أنه نتيجة نقص أو تقصير من الزوجة الأولى والتي ستقع تحت طائلة السخرية والتعليقات التي تدور حول فلك "أكيد ناقصها شيء"، راوياً موقف والدته تجاه مسألة حضورهم مأدبة زواج والدهم الثاني: "في البداية بحكم لحظة الغضب التي كانت تسيطر على والدتي منعتنا من حضورنا الزواج، وذكرت أنها لن تسامح من يذهب إليه، ولكن بعد محاولات من الإقناع سمحت لي، ولأشقائي، ومنعت شقيقاتي من مشاركة والدي فرحته بالزوجتين الثانية والثالثة". «مبروك يا عريس» تطلع بدون نفس.. والعيال تائهون «يواسون» وإلاّ «يباركون»! تهجم وضرب وروت "جيهان محمد" موقف والدها عند زواجه الثاني، حيث لم يمض سوى أشهر قليلة على وفاة والدتها وزوجته، إلاّ أن فاجأهم بقرار زواجه، وألزمهم بحضور حفل الزفاف، مبينة أنها امتنعت، وألّح عليها كثيراً حتى حضرت، مضيفةً: "لا أعلم ماذا أصابني عندما رأيت العروس، حيث انطلقت نحوها بسرعة وتهجمت عليها وضربتها وشدّدتها من شعرها، وكنت قد فقدت السيطرة على أعصابي، لأني شعرت أنها لم تأخذ مكان والدتي فحسب، بل ستأخذه هو أيضاً مني"، مشيرة إلى أنها قدمت اعتذرت لوالدها عن ما بدر منها تجاه الزوجة الجديدة، ولم يسامحها إلاّ بعد فترة طويلة. مبروك ياعريس وربطت "هدى عبدالله" -طالبة جامعية- مسألة حضورها مأدبة زواج والدها بالسبب الذي دفعه للزواج على والدتها، ومدى موافقة وردة فعل والدتها، مضيفة: "دون موافقة ورضاء والدتي من هذا الزواج لن أقبل الحضور، وهذا ما حدث معي عند زواج والدي قبل ثلاث سنوات حيث فضلت البقاء بجانب والدتي ومؤانستها في تلك الساعات الصعبة على أي زوجة حتى وأن كانت حاضرة لهذا الحفل ففي داخلها بركان من الحزن وهي تشاهد أخرى تزف إلى زوجها"، مبينةً أنها حاولت هي وشقيقتها تخفيف حزن والدتها في تلك اللحظة التي تحتاجهما فيها، في وقت كان فيه والدهما مشغولٌ بزوجته الجديدة، واكتفت والدتهم والزوجة الأولى عندما التقت به في اليوم التالي بقولها له "مبروك ياعريس"!. رفض قطعي ورفضت "سهام صالح" حضور حفل زواج والدها قائلة: "لن أرضى الحضور.. لقد تخيلت بناتي يحضرن حفل زواج والدهن وهن يرقصن في وقت أنا فيه حزينة.. لذا قررت أن أبقى مع والدتي وما ذهبت إلى زواج والدي، فمهما كانت الأم تتفهم أسباب الزواج وأنه حق شرعي للأب، ومهما كانت (الرضاوة) التي تعطى لها، ومهما حاول الأبناء والقريبون منها تهدئتها، إلاّّ أن غصة في قلبها ودمعة في عينها ستظل باقية"، مشيرة إلى أن والدتها أحوج إليها بالبقاء جوارها، من والدها الذي وصفته "طاير بزوجته"، قائلةً لو أن والدها أصّر عليها بالحضور، ستفعل لكي تفتعل المشاكل وتنكّد زواجه. فرحة الأب وأوضحت "سماهر العقيلي" أنها شاركت والدها فرحته بزواجه الثاني، ونسقّت وجهّزت كل ما يلزم، مضيفةً: "طالما تعب والدي وضحّى من أجلنا، فلماذا نبخل عليه بالحضور في مثل تلك المناسبة السعيدة بالنسبة له"، مؤكدة على أن ذلك الموقف لا ينقص من مدى محبتها ووفائها لوالدتها، مبينة أنها هي من أمرتهم بالحضور، وزفّت والدي من بيتها لزوجته الجديدة. مشاعر متباينة نوهت "سعاد" أنها لن تنسى ما مرت به من حيرة وتردد تجاه قرارها بحضور زواج والدها، مبينة أنها سعيدة من الداخل خصوصاً أنه بعد مرض والدتها، أصبح والدها كثر السفر إلى الخارج، مضيفةً: "أنا متزوجة وأتفهم احتياجات الرجل في هذا السن، لهذا رأيت أن زواجه الثاني يمنحه راحة واستقراراً أكثر"، مؤكدة على أنها أبقت مشاعر فرحتها حبيسة بداخلها كي لا تغضب والدتها التي كانت بطبيعة الحال حزينة، مما جعلها تجلس إلى جوارها لكي تنسيها حدة ساعات زواج والدها، قائلة: "هذا لا يعني أنني قصرت مع والدي، بل بالعكس أشرفت على تحضيرات زواجه، كما لو كان يتزوج للمرة الأولى، فهو في النهاية لم يخطئ أو يرتكب محرماً، كما أنه لم يتزوج إلاّ بعد أن مرضت والدتي".