كل من هاتين المفردتين تحملان نفس الدلالة القضائية وهي تعني باختصار «تقديم المشورة والإعانة من قبل المحامي لمتهم أثناء فترة التحقيق والمرافعة والتي تضمن للمتهم حق الدفاع عن نفسه وضمان المحاكمة العادلة له». لقد طبقت العديد من الدول في زمن مبكر مبدأ المساندة القضائية عن طريق ندب المحامين للدفاع عن المتهمين واستجلاء الحقيقة منهم وعدم إيقاع أي عقوبة إلا بعد ثبوت التهمة قطعا. وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد أناطت بالقاضي هذه المسؤولية وحملته هذا الأمر فإن هذا لا يعني عدم صحة إسناد مهمة الدفاع والمساندة القضائية للمتهم أو أن هذا انتقاص للسلطة القضائية. بل بالغت العديد من الأنظمة والدساتير في ذلك وقررت بطلان المحاكمة في حال تخلف أو عدم وجود محام. ويشمل ذلك مرحلة التحقيق التي أعطت الاختصاص للمحامي العام ومحكمة الجنايات بندب محامي للدفاع عن المتهم في الحالات المشار إليها وتحديد أتعابه بناء على طلبه وتقدير أتعابه بناء على قرار وزير العدل بعد مشورة نقابة المحامين وذلك حسبما ورد في الدستور المصري. وعلى الرغم من أن نظام الإجراءات الجزائية في المملكة العربية السعودية تضمن إشارات واضحة إلى حق المتهم في توكيل المحامي وأن له تعيين وكيل أو محام لحضور التحقيق كما ورد في المادة الرابعة والستين وكذلك المادة 2140 والتي أشارت إلى جواز تعيين وكيل أو محامي لتقديم الدفاع في الجرائم الكبيرة. إلا أن تلك النصوص كما يرى كثير من المتحفظين غير كافية ولا تتلاءم مع الأنظمة العالمية التي توجب ولا تجيز فقط وجود المحامي بجانب المتهم. وهي نصوص خلا منها نظام المرافعات الشرعية ونظام المحاماة والمؤمل أن يتضمنا هذه النصوص الهامة بلوائحها التنفيذية. وهي ما يعني ضرورة التعديل على الأنظمة بما يتلاءم مع هذه الحقوق ويتماشى مع الأنظمة الأخرى. ومن هنا فإنه بات ضروريا السعي الجاد من قبل وزارة العدل في إدراج تلك المواد في الأنظمة التي يجري التعديل عليها حاليا لدى الجهات من قبل مجلس الشورى وهيئة الخبراء وأن يتم إعداد لوائح تفسيرية للمواد التي تكفل المساندة والمعونة القضائية. لقد سعت هيئة حقوق الإنسان إلى بعض المبادرات الفردية في توكيل محامين وكذلك الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وهي محاولات لسد الفراغ الموجود في الأنظمة إلا أنها تبقى محاولات قليلة لا تفي بالقدر اللازم لهذا الحق المهم ما لم يتم إعداد نظام دقيق واضح في هذا. ولا أنسى مجهود بعض الزملاء المحامين الذين سعوا إلى قيام جمعية المساندة القضائية وهي جمعية خيرية ليست ذات غرض ربحي وجميع ذلك في نظري هو جراء هذا الفراغ الذي يشكو منه نظام المرافعات الشرعية وكذلك نظام المحاماة. كما أن قيام هيئة المحامين سوف يساعد في تنظيم المعونة والمساندة القضائية بلا شك عبر المشورة والمفاهمة مع وزارة العدل وتقدير الأتعاب المستحقة للمحامي في ذلك.