تعلن المقولة الشائعة «مصائب قوم عند قوم فوائد» خلال الأيام القليلة المقبلة عن نفسها في سوق المحامين الذين يتأهبون لاستقبال كثير من المتهمين في كارثة سيول جدة للترافع عنهم ومرافقتهم في جهات التحقيق في المرحلة المقبلة. ويواجه المحامون في قبولهم الدفاع عن المتهمين في سيول جدة انتقادات اجتماعية بسبب قبولهم الدفاع عن هؤلاء، فيما تكون الفرصة سانحة أمامهم للحصول على مبالغ كبيرة كأتعاب حال القبول بهذه المهمة. ويستعد نحو ستمائة محام في جدة وحدها من أصل 2000 محام مرخص في المملكة استقبال طلبات الدفاع عن متهمين في كارثة السيول، لا سيما أنه لم يتم الجزم بعد بمقر محاكمتهم هل ستكون في جدة أم تشترك فيها محاكم الرياض مثلا على غرار قضية تزوير صك ثول التي نظرت في الرياض. ثبوت الإدانة وقال المحامي محمد زارع القرني: «القاعدة الأساسية أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، بحكم قضائي نهائي والأصل في الإنسان البراءة، ولذلك جاء نص نظام الإجراءات الجزائية عاما ومن ثم لكل متهم الاستعانة بمحام». وقال «يستطيع أي محام مرخص له الترافع عن أي متهم»، واضاف «صحيح أن بعض المحامين قد يجد حرجا في الترافع في قضايا معينة، ولكن بعضا منهم يعتبر هذا المتهم بريئا طالما لم يصدر عليه حكم شرعي». حق مشروع وحسب اللجنة الوطنية للمحامين، فإن الدفاع حق مشروع وقانوني وطبيعي لكل متهم في أية قضية أيا كانت (تجارية، إدارية، جنائية، أمنية)، أن يستعين بمحام خلال فترة التحقيق أمام الجهات المختصة، ومن ثم أمام الجهات القضائية، وشددت اللجنة على أهمية التفرقة ما بين المحامين المرخصين من وزارة العدل ومدعي مهنة المحاماة والمتطفلين عليها بمسميات مختلفة مكشوفة للمجتمع، والوطن وأجهزته الحكومية كما هي الأجهزة الأمنية والرقابية وأيضا القضائية، تدخل المحامين في الدفاع عن المتهمين لأن المحامين سيطالبون بتطبيق صحيح النظام سواء كان في مرحلة التحقيق لدى الأجهزة الرقابية والحقوقية مثل المباحث الإدارية وهيئة التحقيق والادعاء العام وهيئة الرقابة والتحقيق لضمان عدم التعسف في ممارسة أعمالها، واحترام حقوق الإنسان المتهم واحترام هيبة النظام وعدالته. نظرة المجتمع وأكد المحامي والمستشار القانوني خالد أبو راشد، «في ما يتعلق بنظرة المجتمع كنظرة سلبية للمحامي المترافع عن أحد المتهمين في قضية كارثة سيول جدة فقطعا هي نظرة خاطئة، فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته، فماذا لو كان أحد المتهمين بريئا وماذا لو كان أحد المتهمين لا علاقة مباشرة له بالكارثة، وإنما درجة أقل فهل نساويه بالمتسببين الرئيسيين؟، علما أن توكيل المحامين هو حق مشروع للمتهمين، وأختم حديثي هذا بأنه لا يعني الدفاع عنهم أو تبرير موقفهم وإنما أتحدث عن حق كفله النظام». وقال أبو راشد «بالنسبة لآلية تحديد الأتعاب فتعتمد على عدة معايير، منها خبرة المحامي ومكانته وتاريخه، ولا يكون هناك أتعاب مقطوعة ثابتة وإنما تختلف وفقا للظروف المحيطة»، ونفى أن يكون جميع المتهمين من الأثرياء ليتم استغلالهم لأن الاتهام لا يتم وفق الثراء أو الفقر وإنما وفقا للمخالفة. المحامي صالح مسفر الغامدي أكد على أن لكل متهم حق توكيل محام للترافع عنه لإحقاق الحق، مؤكدا أن الأصل براءة الذمة، وأضاف: «يحق للمتهمين نظاما الاستعانة بمحامين للدفاع عنهم في مرحلتي التحقيق والمحاكمة استنادا لنظام الإجراءات الجزائية والمرافعات الشرعية ونظام المحاماة».