قال تعالى : ( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ) وقال: ) ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً ( هذه الآيات كلما قرأتها أحسست بالراحة والطمأنينة والأمان ..وغيرها كثير من الآيات ولو ألقيت نظرة سريعة وقرأت ما بين سطور التاريخ وخفايا الصفحات ستجد أن هناك أحداث سطرها تأريخنا أقوى وقعا على المسلم مما يحدث الآن ، ولست ممن يعالج الواقع بالتخدير بل هي الحقيقة التي لابد للجميع أن يعلمها ، لا يعني هذا أنني أدعو إلى الاستسلام والوقوف موقف المتفرج بل يجب أن نعطي لكل حدث أهميته دون تسرع أو تهاون وفي المقابل لا لردة الفعل الغير مدروسة ، ومن يظن أن الأمة ستبقى خرساء صماء عمياء فهو واهم حالم ، ولكن لنحسن التعامل مع من ابتلانا الله بهم نصحا وقولا وفهما ونصحح المفاهيم المغلوطة لديهم ونضع كل شخص في حجمه الحقيقي ومكانته التي يستحقها .. وهنا أقول : قد تظلم السماء حتى نعتقد أنه ملحق بنا العذاب لكن ما تلبث أن يعقبها المطر والخيرات ، وقد تموت الأشجار وتذبل الأزهار لكنها ما تلبث أن يأتيها الماء وتتفتح وتنتج ثمرا صالحا للآكلين .ولكنني رأيت أن أكثرنا ينظر من خلال العدسة السوداء ليرى جمال الوجود أصبح باهتا نحتاج فقط أن نُلجم وسوسة الشيطان باستعاذة منه وذكر لما يخاف منه. ولكن هل نستطيع أن نقول أن القوى الخارجية المخالفة لمنهاجنا قد نجحوا في الاستحواذ على عقول الطابور الخامس القابع بين ظهرانينا والتلاعب بوحدتنا وتمزيق التقارب فيما بيننا ، فلما كان الحق من أحد دعاتنا تجاه ذلك السيستاني قامت الدنيا ولم تقعد فأثاروا الأغبرة داخل المدن من كثرة كتاباتهم الاستهجانية ولا عجب .. فقد اعتدنا منهم هذا، والآن لا تكاد تجد كاتبا بل صحيفة تستهجن وتستنكر ما قاله الخبيث تجاه أم المؤمنين زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى من قبل ذلك أساء بعضهم لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم ولم نسمع ولم نرى ذلك الاندفاع الذي حصل تجاه العريفي والبراك والمنجد والأحمد واللحيدان والشثري وغيرهم الكثير ، بل لو استعنت بجهازي المايكروسكوب والمجهر وحتى الأشعة تحت الحمراء لما توصلت لمقال في صحفهم التي تدعي النزاهة والوقوف مع الحق ضد الباطل ، إنما بان لنا المتخفي تحت وطأة المادة دون ريب أو شك . بكل بساطة قد أفلس هؤلاء فلم يقدموا للوطن ولا المواطن إلا المزيد من المصائب والنكبات . وأنتِ بخير يا زوجة رسول الله ، فقد أنزلك الله منزلتك من فوق سبع سموات فلن يضيرك نعيق الناعق ولا نهيق الناهق ، أما نحن فلن نكون بخير إن بقينا هكذا ، لا نهش ولا ننش كما يقال ، لن نكون بخير ما لم نقنع العالم أجمع بكل دياناته ومذاهبه وطوائفه بأن دين الإسلام هو دين السماحة وهو الدين الأوحد الذي يعلى ولا يعلى عليه ، الدين الذي ستنتهي عليه الخليقة آخر الزمان ،ودائما الشيء الذي يطفو فوق الماء لا وزن له ، حتى أن أهل الحق أصبحوا يظنون أن الغلبة لأهل الباطل ظن السوء ، فتدخل الحيرة في قلوب الذين صدقوا حتى يخيّل لهم أن الباطل حقا فيتبعوه ، والحق باطلا فيجتنبوه ، ولكن لو أنهم آمنوا بربهم حق الإيمان وصبروا لرأوا الحق حقا ، فلن يلبث الباطل إلا قليلا فيندثر ويُزهق ولا يبقى إلا نور الحق الذي يجب أن نتبعه ، فالحق أقوى وسيدمغ الباطل ولو بعد حين ، وهو ثابت حتى وإن استعلى الباطل والشر فنهاية الباطل السقوط ولكم في الأمم السابقة التي عصت آيات وعبر ، فنحن أمة تغفو و لن تنام .. أمة تمرض لكن لن تموت إلا بإذن الله . وهذه التجاوزات أشبه ما تكون بالمناورات العسكرية ، ليروا مدى تأثر الأمة الإسلامية وتمسكها بدينها وحبها لرسولها ومقدساتها ورموزها وعلمائها ، إضافة إلى أنهم يضمرون حقدا دفينا على هذا الدين . أيضا لا ننسى أنه لا يمكن أن يصنع البحر الهادئ بحارا ماهرا ، بل يصنعه بقدرة الله البحر الهائج المتلاطم الأمواج، ولن يصنع الرجال إلا مثل هذه المواقف والمصائب التي تحل على الأمة الإسلامية ولن يكون أقل وقعا مما نحن فيه ، فلنتسلح بسلاح الصبر وقوة الإيمان والمثابرة للخروج من هذه المواقف بنجاح دون تقصير أو تنفير . رسالتي أوجهها في نهاية كتابي هذا لعلمائنا الأفاضل :أنتم تحت مطرقة النقد ولا أحد فوق النقد والمحاسبة وأنتم ورثة الأنبياء وخير هذه الأمة وصلاحها قائم على عواتقكم بعد توفيق الله فكونوا جميعا متفقين على قلب رجل واحد فالمسلم يحتاج من يسنده وينير له طريق الخير ويبعده عن طريق الشر والشبهات فلا تيأسوا واستمروا في النصح والإرشاد والشرح وتبصير الخليقة بما أوتيتم به من علم . وسنرى عما قريب لمن الغلبة ولمن الذلة والانكسار وسيأتي عليهم يوما يطلقون الشهيق وتغص حناجرهم ولا يستطيعوا بعدها زفيرا ..