برهنت قضيتا مشروع بناء مسجد نيويورك وتهديد قس إحدى كنائس فلوريدا بحرق القرآن على أن الغرب غير محصن ضد أمراض الكراهية والتطرف والإقصاء!! إذا، ليس المجتمع الإسلامي وحده الذي يعاني من أعراض التطرف والكراهية والإقصاء، وإذا كان الغرب فرض على العالم الإسلامي أن يمارس التطهير الذاتي ضد التطرف وأجبر على مراجعة مناهجه الدراسية وتدقيق معايير خطابه الفكري والإعلامي، فإن العالم الغربي مطالب هو الآخر بإجراء مراجعة من هذا النوع؛ لأن مشاهد الكراهية والتطرف التي شاهدناها في بعض مدنه لا تختلف كثيرا عن تلك المشاهد التي نشاهدها في بعض مدن العالم الإسلامي!! وإذا كان حرق بعض المتظاهرين المسلمين أعلام الدول الغربية دليل كراهية وتطرف فإن حرق صفحات من القرآن الكريم أمام البيت الأبيض وفي بعض العواصم الأوروبية يدل على كراهية وتطرف أكثر قبحا ولا مبرر له في مجتمع يزعم وصوله إلى أعلى درجات الوعي الحضاري!! إن معركة الإنسانية مع الكراهية والتطرف والإقصاء ليست معركة قاصرة على العالم الإسلامي وحده، وبرهنت الأحداث الأخيرة على أن ساحتها الغربية لا تقل اشتعالا عن ساحتها الإسلامية!! لقد أمضى المسلمون سنوات عديدة في محاولة إقناع الآخرين أن الإرهاب والتطرف لا هوية له، وهو يتغذى في المجتمعات الإسلامية على ردة الفعل الغربية القاسية التي تفتقر للعدالة ولا تميز بين الخير والشر، وربما حان الوقت كي يلتفت الغرب إلى حديقته الخلفية!!