تنفق روسيا وأمريكا الشمالية اللتان تشهدان نمواً سريعاً في إنتاج النفط والغاز، مليارات الدولارات على مشاريع خطوط أنابيب ومنشآت موانئ لإمداد آسيا بالطاقة، وذلك بهدف الاستحواذ على نصيب أكبر في أسرع سوق للوقود نمواً في العالم، ومنافسة المورِّدين من منطقة الشرق الأوسط. وتجاوزت الصين، التي ساهمت بدور كبير في دفع نمو الطلب العالمي على النفط في العقد السابق، الولاياتالمتحدة، الشهر الماضي، لتصبح أكبر مستورد صافٍ للنفط في العالم. ودعمت الزيادة الكبيرة في استهلاك الطاقة في الصين أسعار النفط رغم ارتفاع إنتاج النفط والغاز الصخري في أمريكا الشمالية والضعف الاقتصادي في الغرب. ودفع هذا المحور للنمو بعيداً عن الغرب مُنتجِين مثل كندا إلى السعي بحثاً عن أسواق خارجية بجانب السوق المحلية. وفي الوقت نفسه، فإن روسيا الجارة الآسيوية ومصدِّرين آخرين يصطَفُّون أمام باب بكين لبيع النفط والغاز. وقالت ماريا فان دير هوفن المديرة التنفيذية لوكالة الطاقة الدولية على هامش المؤتمر العالمي للطاقة في كوريا الجنوبية: «تحول مركز الثقل إلى الشرق أصبح حقيقة، إنهم (الصين) يريدون الحصول على النفط من أي مكان». وقال بنك التنمية الآسيوي إن صافي واردات منطقة آسيا والمحيط الهادي من النفط سيرتفع إلى ما يزيد على 25 مليون برميل يومياً في عام 2035 مقترباً من مستوى الإنتاج الحالي في الشرق الأوسط، وهو ما يشير إلى تنامي الطلب الآسيوي. وقالت وكالة الطاقة الدولية إنه بينما تنمو السوق الآسيوية، فإن الولاياتالمتحدة التي ظلت عقوداً أكبر سوق في العالم للنفط والغاز، قد تقلِّص وارداتها النفطية بمقدار النصف بنهاية 2020 عن مستواها قبل عامين، نظراً لازدهار إنتاج النفط والغاز الصخري وتحسُّن كفاءة استخدام الطاقة. ويعمل منتجو الغاز في أمريكا الشمالية مع مشترين آسيويين على تنفيذ مشاريع بمليارات الدولارات، لتسييل إمدادات وفيرة من الغاز في المنطقة وشحنها إلى الشرق. وأزاحت أمريكا الشمالية بالفعل أستراليا لتحتل مركز الصدارة أمام الاستثمارات الآسيوية الجديدة في مشاريع الغاز، بينما يتم التخطيط لمشاريع خطوط أنابيب عديدة في كندا لنقل الخام إلى آسيا. وقال روس جيرلينج الرئيس التنفيذي لشركة ترانس كندا كورب، وهي مشغل خطوط أنابيب، إن شركته تشارك في مشاريع بقيمة نحو 14 مليار دولار كندي، تهدف لتلبية احتياجات الطلب الآسيوي الذي يشهد نمواً سريعاً على النفط والغاز الكندي، وقد تشارك في مزيد من المشاريع. وأضاف جيرلينج في مقابلة في وقت سابق هذا الأسبوع: «لم أكن أتوقع ذلك مطلقاً منذ 24 – 36 شهراً مضت». وتخطط روسيا أكبر منتج للغاز في العالم أيضاً لفتح المجال أمام تصدير الغاز الطبيعي المسال العام المقبل لتلبية الطلب المتنامي في أسواق آسيا والمحيط الهادي. وتخطط الحكومة لعرض قانون على البرلمان في هذا الشأن قريباً. ويتنافس المنتجون من الشرق الأوسط بشكل حاد مع بعضهم بعضاً ومع مورِّدين آخرين على سوق آسيا. وقال العراق، وهو منافس للسعودية يشهد نمواً سريعاً، إن الصين تسعى لزيادة مشترياتها من خامه بما يزيد عن مثليها العام المقبل لتصل إلى 850 ألف برميل يومياً. وقال نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني إن مزيداً من الطلبات لشراء النفط العراقي لعام 2014 ربما تأتي من الصين. وستقوم السعودية أكبر بلد مصدِّر للنفط في العالم بتصدير كميات إضافية من الخام الخفيف الأفضل جودة بحلول 2017 من حقلي الشيبة وخريص، بينما سيوفر حقل المنيفة العملاق إمدادات الخام الثقيل.