عرفات ، واس توافدت جموع من حجاج بيت الله الحرام منذ وقت مبكر إلى مسجد نمرة اليوم لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً ؛ اقتداء بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة . وامتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته (110 ) آلاف متر مربع والساحات المحيطة به التي تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع بضيوف الرحمن . وتقدم المصلين الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية ، حيث ألقى سماحة مفتى عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله آل الشيخ خطبة عرفة – قبل الصلاة – استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر . وقال سماحته في خطبته " معشر المسلمين شرفكم الله بالإسلام ووفقكم لحمل أمانة هذا الدين ، فيا له من شرف عظيم وفضل كبير أن كنتم أمة مرحومة يتوب الله عليكم " إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * " وأضاف " أخي المسلم إن هذا الدين بتعاليمه ومبادئه أمانة لديك فقم به خير قيام وتحلى بأخلاقه الفاضلة والعقيدة الصحيحة ، فكن مخلصا وجازما في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر ، صف الله بأسمائه الحسنى والصفات العلى على وفق ما دل الكتاب والسنة عليه بعيدا عن التجريد والتمثيل والتحريف والتعطيل معتقدا كمال ذات الرب وصفاته ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " . ودعا سماحة مفتي عام المملكة المسلمين إلى توحيد الله في العبادة كما أمر بذلك بقوله " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ " إلى جانب الإخلاص له بالدعاء والتضرع في طلب الغوث والمدد منه جل شأنه في الشدة والرخاء والسر والعلانية مستشهدا بقوله تعالى " وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " وحث سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ المسلمين على أن يكونوا صادقي الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم بأنه عبد الله ورسوله وخاتم أنبيائه وخاتم الأنبياء والمرسلين كما قال الله في كتابه الكريم " مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " . وقال " ليكن أيمانك به أيمانا صادقا يحملك على أتباع سنته وتحكيم شريعته والتحاكم إليها والرضا بها وأن يكون قدوتك وأسوتك في أحوالك كلها " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا " ، وأعلم أنه صلى الله عليه وسلم رسول للخلق كلهم " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " ، وعنه صلى الله عليه وسلم ( لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن به إلا دخل النار ) ، كن إيمانك بالقرآن إيمانا صادقا لان هذا كتاب الله خاتم كتب الله ناسخا لما مضى ومصدقا له ، يحق الحق ويبطل الباطل " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ … " الآية . وبين سماحة المفتي أن ما كلف به المسلم من عبادات الصلاة والزكاة والصوم والحج أمانة يجب أن يؤديها مخلصًا في ذلك لله. وقال : إن من أمانة هذا الدين التخلق بأخلاقه وبفضائله من الصدق والأمانة والصبر والحلم والسماحة والعفو والأخوة الفاضلة وأن تجتنب ما يضاد ذلك من الكذب والخيانة والغدر والكبر والعجب والحسد والحقد والغيبة والنميمة. وأضاف : إن من أمانة هذا الدين أن الدماء والأموال والأعراض أمانه لدى المسلم يجب احترامها وصيانتها وعدم الاعتداء عليها ففي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم : كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. وقوله : إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم . وحذر المسلمين من الطرق المحرمه كالغش والظلم والغدر وأكل أموال الناس بالباطل ونقض العهود ، مشدداً على تحكيم شرع الله في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعليمية والعلاقات الخارجية لتكون الشريعة وحدها مصدر الحكم والتحاكم. وأشار سماحته إلى أن الدعوة إلى الله أمانة في أعناق الأمة كل على استطاعته ، قال تعالى : (( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون )) . وأكد سماحته أن العقل أمانة ، محذرا مما يكذبه ويضعفه ويزيله أو يقلل إنتاجه من الاشتغال بالمخدرات والمسكرات والشعوذة والسحر وانواع الكهانة والتنجيم ، داعيا إلى تسخيره بالتفكر في خلق الله وعظيم آياته مستشهدا بقوله تعالى " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ " . وقال " أخي المسلم إن جوارحك التي ستتمتع بها في حياتك أمانة عندك ، سمعك وبصرك وقلبك ولسانك كل ذلك أنت مسؤول عنه " وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً " . وأضاف " أمة الإسلام إن امة محمد أمانة في أعناق الأمة ، كلاً يعمل على الأمانة من طلبة وحكام وعلماء ومفكرين , الكل يحمل في عنقه على قدر استطاعته وقوته والحيثيات المتاحة له" ولفت الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ النظر إلى ما يمر به الإسلام من ظروف حرجة وما يوجه من حيثيات ومصائب وتهدد وحدته ، وأن تفرق أبناء المسلمين واختبائهم وتشتتهم وتكالب الأعداء المتربصين بهم وانتشار الحروب والفتن الداخلية ، أصابهم بالضعف والوهن والذل والهوان فأصبح بأسهم بينهم شديد يعلمه القريب والبعيد ، مرجعا ذلك إلى تخليهم عن تعاليم دينهم وعن العقيدة الصحيحة واتجاه الكثير منهم إلى ما حرم الله ورسوله فنالوا الضعف والهلاك . ولفت الانتباه إلى أن الذي يضعف الأمة هو إتباع الفاحشة وتميع الأخلاق والإباحية ، فعلى إثره لن يحصدوا من هذا الأمر إلإ ضياع الأعراض وانتهاك الحرمات وفساد الأخلاق والانحلال مع ما يصاحب ذلك من الأمراض الخطيرة " . وحذر سماحة مفتى عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله آل الشيخ في خطبته من طائفة من هذا الأمة ، تريد بالمسلمين الهلاك وانعدام الأمن والإيمان والاستقرار ، مبينا أن هذه الطائفة ارتوت تقليد أعدائها في أخلاقهم وعاداتهم وأفكارهم وتركوا مناهجهم التعليمية ومبادئهم الفقهية ضانين أن التقدم والحضارة مرهون بذلك من غير التأكد من الغث والسمين والنافع والضار وما يوافق الشريعة وما يخالفها . وقال " وطائفة أخرجوا المناهج والنظم من الإسلام وأدخلوها في شيوعية وليبرالية وعلمانية يضنون أنها رقي وتقدم وسار الأمر عكس ذلك " . وأضاف " أيها المسلم ليس هذا حال الأمة كلها بل حال كثير منها ، وإلا فلا يزال من الأمة من هو ظاهر بالحق ومحافظ على الدين ومتمسك بالثوابت والمبادئ يدعون إلى التوحيد وينهون عن الشرك ويحافظ على الأصالة ويرفض التقليد والتبعية . واستطرد قائلا " أيها المسلمون الآن وبعد الضياع والهوان فقد آن الأوان أن تفروا إلى الله وأن تعتصم بدين الله كما قال في محكم آياته " فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ " وقال سبحانه وتعالى " وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ " ، لا نجاة للأمة ولا أساس لها إلا بتمسكها بكتاب ربها وسنة نبيها على منهج السلف الصالح ولن يصلح هذه الأمة إلا ما صلح في أولها " . وقال سماحته : أمة الإسلام إن سلفنا الصالح كان على المنهج الرباني في العقيدة والأخلاق والقيم والتعامل والتربية . وأَضاف سماحته : السلوك والتزكية على هذا النهج أنار الله بها طريق المهتدين وشرح بها صدور العالمين شرقًا وغربًا ، حفظ به دينه وصان به كتابه ، وصان به دينه على أيدي العلماء من سلف هذه الأمة إلى اليوم وفي الحديث (( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله )) . وتابع بقوله : أمة الإسلام أن للدولة رجال فتحوا البلاد وخضعت لهم العباد لم يكن ذلك بقوة العدد ولا بقوة عدتهم ولكن بعظمة دينهم وقوة إيمانهم وأخلاقهم والتماسك فيما بينهم واجتماع كلمتهم فإنهم يرون علامة الإسلام فوق علامة النسب . وزاد سماحة المفتي يقول : يا أمة الإسلام أما آن الآن أن نفيق من غفلتنا بعد تلك المصائب التي حلت بنا، أما آن الآن أن نعود إلى كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن ضيع كثير منا تعاليم الكتاب والسنة ، أما آن الآن أن نتحد جميعا في بناء مستقل بأيدينا نستعين بالله ثم بقدراتنا وخبرتنا وعقول مفكرينا وعلمائنا وأن نصنع اتحاد إسلامي قوي بكل كيانه .. اقتصادي نكتفي بما لدينا .. قوة عسكرية نواجه بها قوى أعدائنا.. وثقافة متميزة وذات حضارة أخلاقية نزيهة تأخذ بيد العالم ونكون مثل القافلة ندعو الناس إلى الخير مشاعل من نور نمشي على صراط الله المستقيم إلى الفلاح والسعادة على نهج كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم. ودعا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أمة الإسلام إلى التمسك بالدين ، وقال : أمة الإسلام تمسكوا بدينكم وعضوا عليه بالنواجذ ودافعوا عن عقيدتكم ولا تضعفوا وتفشلوا ، مستشهداً بقوله تعالى (( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )) . وخاطب سماحته قادة المسلمين قائلاً : إن عليكم مسؤولية المحافظة على مكتسباتها ووحدة صفها وإجماع كلمتها وترك الأخطاء المحدقه بها والاهتمام بمصالحها العليا في رعاياكم بالرفق واللين والسعي في تحقيق الحياة الكريمة لهم ،واحذروا أن تضيقوا عليهم أو تسومونهم سوء العذاب أو تهينوا كرامتهم فإن ذلك بينكم وبينهم, وابنوا جسورًا من المحبة بينكم وبين شعوبكم فيما يحقق المصلحة العامة في الحاضر والمستقبل ليكن لكم موقف شجاعة في المحافل الدولية في الدفاع عن القضايا الإسلامية وكف الظلم عنهم وعدم السماح لعدوهم ليستولى عليهم فكونوا معهم كذلك في الخير والتعاون على البر والتقوى . كما خاطب سماحته علماء الأمة بقوله : إن لكم دورًا فاعلًا في توعية الأمة واخضاع شأنها وفك الخصام بينها وإطفاء العداوة والحرب والفتن بين أبنائها .. يا علماء الإسلام تحلوا بالشجاعة والإخلاص والموضوعية والصراحة فيما تعاني منه الأمة ونزع فتيل النزاع بينها .. وإن أهملتم ذلك وضيعتموه استحكم الخلاف .. داعيًا أرباب الأقلام النزيهه وذوى الأخلاق الإسلامية القويمة لتسخير افكارهم فيما ينفع الأمة وينهض بها ويغرس فيها حب الدين وحب الاصلاح والأخوة وتعليقهم بماضيهم المجيد. ووجه سماحة مفتي عام المملكة رسالة في خطبته إلى الآباء والأمهات فقال " إنكم مسؤولون أمام الله عن تربية هذه الأجيال فربوهم على الطريقة الصحيحة والخلق الكريم والهوية الصادقة واغرسوا فيهم حب دينهم وأوطانهم وحاولوا أن ينتشر فيهم العلم والتعليم والجد في حياتهم كلها وجنبوهم الفواحش والمنكرات " . وخاطب سماحته رجال التعليم قائلا " علموا أبناء المسلمين ما ينفعهم في دينهم ودنياهم ، أنيروا لهم الدرب في مستقبلهم وحياتهم أهلوهم لكي يكونوا آهلا للمسؤولية في أمتهم ومواطنيهم وخدمة قضاياهم الإسلامية ". ودعا سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رجال المال إلى أن يتقوا الله فيما أؤتمنوا عليه ، وأن يؤدوا زكاة أموالهم وأن من حق الأمة الإسلامية عليهم أن يستثمروا أموالهم في بلادهم ليحصل الخير والبركة من مشاريع حيوية ليكون فيها قوة الاقتصاد والتقدم وإتاحة الفرصة للشباب وتشغيل الأيدي العاملة ، محذرا من أن تكون أموالهم سببا لضرر الأمة أو فساد أخلاقها او طمس هويتها وشعارها أو تكون عونا لأعداء الإسلام على المسلمين " . كما خاطب سماحة مفتي عام المملكة المخططين لهذه الأمة بقوله " اتقوا الله في أنفسكم وفي مسؤوليتكم وفيما تخططون لامتكم من إخراجها من الذلة والتبعية والهوان ، ألزموا الصدق والإخلاص فيما تخططون للأمة من أمور اقتصادية أو عسكرية أو صحية أو سياسية ولتكن مراعية للشرع وعند تخطيطكم انظروا إلى ما يتفق مع الدين ومبادئه واحذروا ما يخالف ذلك ". ثم وجه سماحته الخطاب للشعوب الإسلامية قائلا " إن بلادكم أمانة في أعناقكم فحافظوا على أمنها واستقرارها ومكتسباتها ومقدراتها ومشاريعها العامة النافعة واعلموا أنكم مستهدفون من كل أعدائكم يريدوا تفريق صفكم وضرب بعضكم ببعض ونشر الفوضى والبلبلة في صفوفكم ، فاحذروا مكائدهم ليقضوا على بنيتكم التحتية وعلى اقتصادكم والمؤسسات العسكرية والمؤسسات المدنية والقضاء على كل خير لفرض السيطرة والتبعية عليكم ، احذروا مكائدهم وتأملوا في مؤامراتهم الخبيثة التي يريدوا الضرر بكم ، أفشلوها واعملوا على إفشالها قبل خروجها " . وأكد سمحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ أن أعظم الخيانة أن يخن العبد دينه أو يخون أمته ، وأن من صورها بث المخدرات بين أفرادها ونشر هذا البلاء العظيم وأن يكون الإنسان عدوا لامته متبعا لإملاء الآخرين فيحطم بلده وأمته لمصلحة من لا لمصلحة له في البلد ولكن لأغراض ومطامع دنيوية ، داعيا إلى المحافظة على الأوطان والحذر من مكائد الأعداء . وقال " أمة الإسلام إن القوة أمانة قوة الإنسان سواء قوته العسكرية أو السياسية أو المالية أو الاقتصادية أو العلمية هي أمانة فان سخرها فيما ينفع أمته ومجتمعه كان مؤديا للأمانة وإن ضيعها واستعملها في غير ما هي له كان كمن خان الأمانة ، فالأمانة تفيد الأمة في حاضرها ومستقبلها ، وأن الله سبحانه وتعالى حمل الإنسان الأمانة كما قال في محكم آياته " إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا " . ودعا سماحته إلى البعد عن أسلحة الدمار والخراب التي تدمر البلاد والعباد وتقضي على الحرث والنسل ، واصفا إياها بالقوة الشريرة التي تضر بالأمة ومستقبلها ، وأنه يجب على ملاكها أن يتقوا الله في أنفسهم ، والعلم بأن هذه القوة إن لم تستعمل فيما ينفع البشرية استعملت فيما يضر البشرية وأن هذا ظلما وعدوانا على بني الإنسان ، محذرا من العواقب الوخيمة للظلم . وقال سماحة المفتى مخاطبًا حجاج بيت الله الحرام : وطأتم هذا البلد ووجدتم حرمًا آمانًا مطمئنًا ذلك بفضل الله ،ثم بتمسك قيادته بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شؤون الحياة كلها ، ثم جعل الشريعة دستورًا لها ،وما فيها من تآلف بين الراعي والرعية مما جعل المجتمع مجتمعًا قويًا ضد النزاع والفساد هيأ الله لهذا البلد سياسة خارجية متوازنه جنب البلاد هذه الفتن والمصائب . أيها المسلمون إن الانقسام بين الأمة والطائفية ضرر على الأمة ، حلوا المشاكل بأنفسكم واحذروا من عدوكم أن يضرب بعضكم ببعض فإنكم أمه مسلمة يجب أن يكون لكم وعي وانتباه لما يحيك لكم الأعداء. وحث آل الشيخ ضيوف الرحمن أثناء تأديتهم نسكهم على لزوم الهدوء والسكينة واحترام أنظمة السير والمرور ، وقال : حجاج بيت الله الحرام اشكروا الله على هذه النعمه والزموا الهدوء والسكينة واحترموا أنظمة السير والمرور واحذروا ما يعيق الحاج في الحرم والمشاعر وتخلقوا بأخلاق الإسلام فإن الأنظمة وضعت لأجل راحتكم وسلامتكم فالزموها وحافظوا عليها لعلكم تفلحون . وأضاف : أيها المسلمون أنتم في يوم من الأيام المباركة يوم عرفة ذلك اليوم العظيم الذي أكمل الله به الدين، وأتم به النعمه ورضي الإسلام لنا دينا فعظموا هذا اليوم بذكر الله وطاعته وخير الدعاء دعاء يوم عرفه وخير ما قاله النبيون من قبلنا .. لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير .. هذا يوم ينزل الله فيه إلى السماء الدنيا ويباهي به الأرض انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا غبرًا طاعين أشهدكم إني قد غفرت لهم . وتابع سماحة المفتي مخاطبًا جموع الحجاج بقوله : قفوا بعرفه داخل حدودها وصلوا بها الظهر والعصر ركعتين ركعتين جمعًا وقصرًا ، قفوا بها إلى غروب الشمس ثم انصرفوا بعد غروب الشمس إلى مزدلفة .. وصلوا بها المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا وبيتوا بها ولكم الانصراف في نصف الليل ولاعذر لمن كان قادرًا أن يبقى فيها حتى يصلي فيها الصبح ،وينصرف قبل طلوع الشمس .. اذهبوا إلى مني وارموا جمرة العقبة بسبع حصيات وحلقوا أو قصروا وقد حل كل شي إلا النساء .. طوفوا بالبيت واسعوا بين الصفا والمروه إن كنتم متمتعين، أما القارن والمفرد يسعيان فيكون التحلل كاملاً .. وعودوا إلى منى وارموا فيها الجمار في يوم الحادي عشر والثاني عشر بعد الزوال اقتداءً بنبيكم صلى الله عليه وسلم .. أيها المسلم تعجل في يومين وأن تأخرت إلى اليوم الثالث عشر فذاك أفضل لأجل تنظيم الحجيج وهذا فيه فضل كبير وخير للأمة . وحث أبناء المسلمين في أنحاء المعمورة على التعاون مع الجهود التي تقوم بها حكومة المملكة في عمارة الحرمين الشريفين وقال : إن هذا المشروع العظيم للحرمين الشريفين الذي تشاهدونه اليوم يحتاج إلى تعاون مع الدولة حتى يستكمل المشروع حقه ،فجزى الله حكومتنا خيرًا على ما بذلته في هذه التوسعه العظيمة والخدمة الكبيرة للحجاج, ووفرت لهم المعيشة والصحة والأمن والاستقرار وكل الأجواء المهيئة لطاعة الله ، فجزاهم الله على ما قدموا خيرًا ،والشكر لله على فضله وإحسانه. ودعا سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ المسلمين إلى تذكر الموت والقبر والوقوف بين يدي الله ، وقال " إن الموت نهاية كل حي كتبه الله على كل الخلق ، قال الله تعالى " كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ " ، وتأمل أخي ساعة الاحتضار ومفارقة هذه الدنيا " وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ " ، وتأمل القبر وظلمته فإما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ذلك اليوم العظيم المهيب الذي مقداره 50 ألف سنة ، وتذكر الوقوف بين يدي الله " يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ " " . وتابع قائلا " تذكر حين تدنوا الشمس من العباد ويزداد حرها ويكون العرق على قدر أعمالهم منهم إلى الكعبين ومنهم إلى القدمين ومنهم من يلجمهم العرق إلجاما , تذكروا ميزان الأعمال وتطاير الكتب فآخذ كتابه بيمينه وآخر كتابه بشماله" . ودعا المسلمين إلى التأمل في لحظة المرور على الصراط الذي هو أدق من الشعرة وأحد من السيف ، وأن العباد يمرون عليه على قدر أعمالهم . وأضاف " تذكروا يوما يهم المؤمنين بدخول الجنة " وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ " ، تذكروا يوم دخول الملائكة " جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار " ، اذكروا يوم ينادي المنادي يا أهل الجنة أن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وأن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وأن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا . واستطرد سماحة مفتي عام المملكة قائلا " تذكروا يوم ينادي المنادي يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن يرزقكموه فيقولوا ما هو , ألم يبيض وجوهنا ألم يسكنا الجنة ألم ينقذنا من النار ، فيكشف الحجاب فينظرون إلى وجهه الكريم ، فما أعطي في الجنة نعيم أعظم من هذا النعيم " . وقال " تذكروا يوم ينادي المنادي يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت " . وحث الأمة على تذكر هذه المواقف العظيمة ، ليكون فيها خير وعظة للقلوب إن شاء الله ، داعيا الحاج إلى أتمام حجه بإخلاص وعمل صالح وإلى التزود بالتقوى مستشهدا بحديث المصطفى عليه أفضل السلام والسلام الذي قال فيه " من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " ، وكما قال صلى الله عليه وسلم " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " . وسأل الله سبحانه وتعالى أن يعز الإسلام والمسلمين وأن يذل الشرك والمشركين وأن يدمر أعداء الدين وينصر عباده الموحدين وأن يجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، وأن يصلح أئمة المسلمين وولاة أمرهم وأن يوفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين . كما سأل الله أن يوفق الجميع لطاعته وأن ينصر المسلمين في سوريا على من بغى وتعدى عليهم وأن يجمع كلمتهم على طاعته وأن يألف بين قلوبهم ويعيذهم من نزغات الشيطان . وسأل الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لكل خير وأن يلبسه الصحة والعافية والسلامة ، وأن يوفق ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لكل خير وأن يبرم لهم التوفيق . وقدم الشكر للأمير خالد الفيصل ، سائلا الله أن يوفقه ويعينه على مهمته . وشكر القوات المختلفة التي تساهم في أعمال الحج على ما بذلوه من جهود ونشاط في الحج وعلى جميع مرافق الدولة . إثر ذلك أم سماحته جموع حجاج بيت الله في مسجد نمرة لأداء صلاتي الظهر والعصر قصرا وجمعا . عرفات | واس