يقرأ أستاذ القانون، الأمين العام لمجلس التعليم العالي، الدكتور محمد الصالح أطوار التنمية في المملكة العربية السعودية، ومعوقاتها، عبر أربعة كتب أصدرها مؤخرا، جمع فيها مقالات صحفية، اختارها من بين مقالات استمر في كتابتها عقدين من الزمن. وواصل الصالح الكتابة في الشأن الوطني طيلة عشرين عاماً، من خلال كتابة مقال «رؤية اقتصادية» في جريدة «الجزيرة»، لرؤية تستشرف المستقبل وتقرأ الواقع. واختلفت عناوين الكتب الأربعة («خدماتنا التنموية بين الخصخصة وبيروقراطية العمل الحكومي»، «توطين الوظائف وعمل الفتاة السعودية»، «رؤية قانونية سعودية» و»قراءة نقدية في سبيل تطوير أداء الأجهزة الحكومية»)، بتعدد المقالات التي جمعها فيها، واستمر على نشرها تلك الفترة الزمنية، متابعا عبرها الأحداث في المجتمع السعودي الاجتماعية والاقتصادية وغيرها. ففي كتاب «خدماتنا التنموية بين الخصخصة وبيروقراطية العمل الحكومي» يواجه الصالح بالكتابة المباشرة كثيرا من القطاعات الخاصة والعامة ذات الاتصال اليومي بالجمهور، مثل الخطوط الجوية العربية السعودية، وكذلك الاتصالات، كما يقدم في كتابه هذا تحية لتجربة الشركة السعودية للأبحاث والنشر. وعن مشاركة المرأة والبطالة والتعليم وعوائق التنمية القانونية، إضافة إلى ملفي البيروقراطية وأسرار نجاح غازي القصيبي، جاءت عناوين بارزة في الكتاب الثاني «توطين الوظائف وعمل الفتاة السعودية»، والثالث «رؤية قانونية سعودية». ويشير الصالح في ملف مشاركة المرأة، إلى أن توجه الدولة في الاستفادة من النصف الآخر للمجتمع، ينبغي أن يلقى دعما ومساهمة من الجميع من أجل تحقيقه، ويقترح تشكيل لجنة مركزية عالية التمثيل تتولى إقرار المشاريع والأنشطة للقطاعات التي ترى إمكانية اشتراك العنصر النسائي في أعمالها، وما للعنصر النسائي أيضا حاجة بخدماتها أو ما تراه اللجنة دون انتظار الرفع من القطاع نفسه على أن يكون هناك عضو مع اللجنة غير ثابت من القطاع يرشح لمناقشة المقترح المقدم.ولأنه حاصل على الدكتوراة في القانون من أمريكا، قرأ الصالح الواقع القانوني في البلاد، وكيفية استثمار العوامل المشجعة على جذب الاستثمارات الأجنبية للمملكة، موضحا في مقالة، سبقت انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، أن ما يجب وضعه في الاعتبار هو أن الأخذ بالتحكيم التجاري في المملكة، كوسيلة ملائمة لفض عديد من النزاعات الاستثمارية، يعد أحد أبرز الضمانات التي يجب التركيز عليها، من أجل الاستمرارية في دعم التدفق الاستثماري الأجنبي للمملكة. كما ضمن الكتب بعدة مقالات تناولت الملكية الفكرية والغش التجاري وقطاعات النقل التجاري. وانتقد الصالح في كتبه الأربعة المسؤول البيروقراطي الذي ينحصر تركيزه أثناء عمله في أجهزة الخدمات الحكومية على عملية الإنفاق والصرف دون التفكير في استثمار ما تقدمه تلك الأجهزة التي يشرفون عليها من خدمات، مرجعا ذلك إلى الأسلوب غير المرن، من خلال التقيد بالنصوص الجامدة التي تتضمنها بعض الأنظمة واللوائح القديمة، التي لم تعد مواكبة للمعطيات الاقتصادية المرحلية التي تعيشها الأجهزة الحكومية، وشدد فيها على ضرورة العمل على إيجاد سبل مثلى لاستثمار تلك الخدمات، لينعكس إيجابا من خلال توفير مصادر دخل إضافية لذلك الجهاز. أما في شأن مقترحاته لتسريع عملية التنمية في البلاد، فدعم الصالح التوجه الحكومي بإعطاء القطاع الخاص الفرصة الكاملة للمشاركة في إدارة دفة العجلة التنموية، امتدادا للدور الذي يقوم به هذا القطاع في تطوير وتدريب الشباب السعوديين، لافتا إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا القطاع في المرحلة التعليمية الجامعية من خلال فتح الجامعات الأهلية. وتطرق الصالح لملف تأنيث محلات المستلزمات النسائية، مبديا تعجبه من «سكوت مجتمعنا طوال السنوات الماضية على وجود رجال أجانب من مختلف الجنسيات والديانات يتولون بيع الملابس النسائية»، موضحا أن تخوف البعض من أن قرار التأنيث سيفتح المجال للاختلاط، جر الاختلاط بعينه بوجود الباعة من الرجال في محلات بيع مستلزمات نسائية. ودعا الصالح في كتبه للإصلاح الاقتصادي في المؤسسات والشركات الكبيرة، وشدد على أهمية التمييز بين المهام الوزارية التي يقوم بها الوزراء في جهاتهم الحكومية، وبين المهام التي يقومون بها بصفتهم رؤساء لمجالس إدارة الشركات التي يتولون رئاستها. ولم تخل تلك الكتب من مقالات عن «الرجل الاستثناء» الراحل، الدكتور غازي القصيبي، وما قدمه من خدمات وتضحيات.