عبدالله مطلق العنزي فاجأتني الأستاذة «مها العبدالرحمن» من منسوبي مجلة اليمامة بسؤال حول مقولة (فاقد الشيء لا يعطيه)… وبعد نفس عميق تمخضت برأي يسرني طرحه أرضاً على صفحات «الشرق» «يعطيه أو لا يعطيه»؟ من الذي يقرر ذلك؟ فلو أجرينا استبياناً سنرى النتائج متباينة بين (يعطيه أو لا يعطيه) يا ترى كيف حكمنا على ذلك وكيف وصلنا إلى هذه النتيجة (يعطيه أو لا يعطيه) وسنلاحظ أن كل إنسان سيدلي بشهادته ويبدي برأيه من خلال وحيه الخاص وأفكاره وتجاربه والقناعة التي توصل إليها خلال مسيرة حياته. ولكن المهم في الموضوع… هل ستكون النتيجة (مطلقة) الكل سيقول لا يعطيه بالتأكيد لا، فإن عدداً ليس قليلا من الإجابات سيقول (يعطيه) وهنا يمكن أن نقول إن هذه المقولة (فاقد الشيء لا يعطيه) التي آمنا بها من المسلمات البديهية ليست دقيقةً. وسندرك أن أشخاصا قد فقدوا أشياءً وأعطوا ما فقدوا بل الأمر يتعدى ذلك في بعض الأحيان ليتحول الأمر إلى تحدٍ أو تعويض عن حرمان أو نقصٍ ما، فتجد هؤلاء الأشخاص يصرون على العطاء وأكثر بكثير مما فقدوا. وفي هذا الموقع أذكر مثالاً من الواقع: كثيرون يقولون: إن الطفل الذي يتربى يتيم الوالدين يكون أكثر ميلاً للقسوة والعنف والسلوك السيئ وحتى الإجرام، فأقول ما رأيكم في إنسان تربى يتيماً ولم يعرف حتى الكذب في حياته: إنه الرسول -عليه الصلاة والسلام – قد تربى يتيم الأب ثم الأم ولكنه كان قدوة لكل الناس في التعامل مع أبنائه وحتى أبناء أبنائه فلا أحد ينكر حبه وشغفه بزينة شباب الجنة (الحسن والحسين). وهنا تتحطم أسوار هذه النظرية القائلة (فاقد الشيء لا يعطيه). وأنا أقول: الأحاسيس والمشاعر لا تنضب!! والعطاء لا يقلل الحب والحنان والرحمة التي نمتلكها!! وأقول: إن جوهر الموضوع يكمن في داخل الإنسان وذلك في قدرة الإنسان على العطاء وقوة إرادته وتصميمه على ذلك وخاصةً عندما يترافق ذلك مع توفيق إلهي يهدي هذا الإنسان (الذي يُعد فاقداً لشيءٍ ما) ويزيد في قوته وعزيمته. لنكتشف جوهر الإنسان الذي هو كنز ثمين وما علينا إلا أن ننظر إليه بتمعن وتفكر لنعلم حجم النعم التي أنعم الله ومَنَّ بها علينا وإن كل إنسانٍ قادر على العطاء (فقيراً أو غنياً سقيماً أو صحيحاً) إن هو قرر ذلك.