«الجيولوجيا»: 2,300 رخصة تعدينية.. ومضاعفة الإنفاق على الاستكشاف    «المجنون» و«الحكومة» .. مين قدها    أبها تستضيف منافسات المجموعة الرابعة لتصفيات كأس آسيا تحت 20 عاماً    5 محاذير عند استخدام العلم السعودي    محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد    وظيفةُ النَّقد السُّعودي    جمعية النشر.. بين تنظيم المهنة والمخالفات النظامية المحتملة    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك    العروبة يتغلّب على الفتح بهدف في دوري روشن للمحترفين    التزامات المقاولين    ديفيد رايا ينقذ أرسنال من الخسارة أمام أتلانتا    هدف متأخر من خيمينيز يمنح أتليتيكو مدريد على لايبزيغ    جوشوا ودوبوا يطلقان تصريحات التحدي    مصادرة صوت المدرجات    النصر وسكّة التائهين!    الذكاء الاصطناعي يقودني إلى قلب المملكة    شرطة الرياض: القبض على مواطن لمساسه بالقيم الإسلامية    ماكرون: الحرب في لبنان «ليست حتمية».. وفرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين    قصيدة بعصيدة    حروب بلا ضربة قاضية!    أدب تختتم ورشة عمل ترجمة الكتاب الأول بجدة    دراسات على تأثير غطاء الوجه على صحة الإناث..!    قراءة في الخطاب الملكي    سوق المجلس التراثي بشقراء يواصل استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني 94    52 غارة إسرائيلية تستهدف جنوب لبنان    أمانة الطائف تكمل استعداداتها للإحتفاء باليوم الوطني 94    جازان: إحباط تهريب (210) كيلوجرامات من نبات القات المخدر    صحة جازان تدشن فعاليات "اليوم العالمي لسلامة المرضى"    الاستثمار الإنساني    ابتكاراتنا ملهمة    سَقَوْهُ حبًّا فألبسهم عزًّا    هيئة الأفلام تطلق النسخة الثانية من "منتدى الأفلام السعودي" أكتوبر المقبل    نائب أمير جازان يطلق البرنامج الدعوي "انتماء ونماء" المصاحب لليوم الوطني ال 94    محافظ الأحساء: الخطاب الملكي يحمل حرصا شديدا على حماية هويتنا وقيمنا    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    الكويت ترحب بتبني الأمم المتحدة قرارًا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    ارتفاع أسعار الذهب    أمير الشرقية: الخطاب الملكي أكد على مضي بلادنا لتحقيق المزيد من التطور والازدهار والنماء    فريق بحثي سعودي يطور تكنولوجيا تكشف الأمراض بمستشعرات دقيقة    أمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بالبرد وتؤدي لجريان السيول على 5 مناطق    المواطن عماد رؤية 2030    «التعليم»: تخصيص بائع في مقاصف المدارس لكل 200 طالب    المهندس الغامدي مديرا للصيانة في "الصحة"    العواد إلى الثانية عشرة    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 7,922 رجل أمن من مدن التدريب بمناطق المملكة    اليابان تحطم الأرقام القياسية ل"المعمرين"    تعزيز التحول الرقمي وتجربة المسافرين في مطارات دول "التعاون"    الأمير سعود بن مشعل يشهد اجتماع الوكلاء المساعدين للحقوق    إلى جنَّات الخلود أيُّها الوالد العطوف الحنون    وفد من الخطوط السعودية يطمئن على صحة غانم    سلامة المرضى    كلام للبيع    كسر الخواطر    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانونا «سوبا» و«بيبا»
نشر في الشرق يوم 22 - 01 - 2012

ثورة الاحتجاجات العارمة اجتاحت مواقع الإنترنت الشهيرة بدءاً من «ويكيبيديا» التي حجبت صفحتها باللغة الإنجليزية يوم الأربعاء الماضي، وحتى «جوجل» والمواقع الاجتماعية والتفاعلية الأخرى التي حرضت مستخدميها على إرسال رسائل احتجاج للكونجرس الأمريكي مثل الفيسبوك وتويتر وياهو وغيرها، حيث وقع أكثر من 4.5 ملايين شخص التماساً على موقع جوجل فقط! بالإضافة إلى كتابة ما بين اثنين إلى أربعة ملايين رسالة مناهضة للمشروع على تويتر! مما أدى إلى تعليق التصويت على مشروعي القانونين، وهذا الأمر يعتبر في حد ذاته انتصاراً حيث نجحت هذه الثورة الإلكترونية في ممارسة ضغط كبير على أصحاب القرار في الكونجرس، مما يعني احتمالية إلغائهما أو فرصة لمراجعة مشروعي القانونين أو التعديل على بنودهما بشكل لا يثير غضب المستخدمين.
والقانون الذي كان يفترض التصويت عليه الثلاثاء المقبل «سوبا»، يعني قانون مكافحة القرصنة الإلكترونية Stop Online Piracy Act، ويدعى اختصارا «SOPA»، وهذا القانون الذي قدمه مجلس النواب الأمريكي 26 أكتوبر، يهدف إلى الحد من القرصنة عبر الوسائل الإلكترونية، من خلال منع مواقع الإنترنت من نشر روابط أو وضع إعلانات في صفحات غير قانونية أو تحتوي على محتوى مقرصن، كذلك تمنع إدراج محركات البحث لهذه المواقع في محركاتها، حيث تصل العقوبات إلى إغلاق الموقع نهائياً أو السجن لمدة خمس سنوات، ويشمل المشروع حظر شبكات الإعلان ومنع المواقع الأمريكية من القيام بأعمال تجارية مع المواقع المشتبه بها، ومنع محركات البحث من وضع روابط لتلك الصفحات، والتي ستتطلب من مزودي خدمة الإنترنت (ISP) منع الوصول إلى تلك المواقع والصفحات.
كما يخول مشروع القانون الولايات المتحدة الأمريكية أن تقاضي أي موقع ارتكب مخالفة حتى لو كان خارج حدودها الإقليمية، عن طريق وسائلها القضائية مما يعني منح ولاية قضائية أمريكية واسعة النطاق على محتويات الفضاء الإلكتروني والشبكة العنكبوتية. حيث ستتمكن السلطات الأمريكية وعبر وسائلها القضائية من إصدار أمر إلغاء أو حجب موقع إلكتروني عربي أو صيني بحجة القرصنة أو نشر مواد غير قانونية. ليس هذا فحسب بل بالإمكان حجب موقع كامل بسبب نشره لمدونة تحتوي على انتهاكات مثل هذا النوع، سواء كان الموقع مستضيفا لهذه المواد أو مجرد مساعد على نشرها و لو برابط! وبناء على ذلك سيمكن مقاضاة المواقع والمدونات وحتى غرف الدردشة الاجتماعية لمجرد نشر رابط لمحتوى غير قانوني أو مثل فتح رابط وصل عبر البريد الإلكتروني سيكون كفيلا بحجب مزود خدمة البريد الإلكتروني ومقاضاته!
وغني عن القول إن المتضرر الأكبر من بين جملة مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع التفاعلية هو موقع YouTube، الذي يعتمد نشاطه الأكبر على نشر المواد المرئية التي هي بالأساس نسخ غير قانونية لمواد مرئية ملكية لشركات كبرى، حيث تقف شركات هوليوود بشكل أكبر خلف دعم مثل هذا القانون لحماية مصالحها والتي تعتبر حاضنة لصناعة الأفلام عالمياً. مما ينذر إذا ما تم اعتماد مشروع قانون سوبا بصيغته هذه إلى انهيار وإفلاس YouTube في القريب العاجل.
هذا بالنسبة لسوبا، أما «بيبا»، Protect Intellectual Property Act واختصاره «PIPA» والذي يعني مشروع قانون حماية الملكية الفكرية، فهو بصورة مشابهة لقانون سوبا ولكن مخففة حيث يكرس لحجب أي موقع أو صحفة تحتوي على انتهاكات لحقوق الملكية الفكرية، حيث يخول لأصحاب المواد الفكرية المقرصنة حقاً باللجوء إلى المحكمة والحصول على أمر بعدم إدراج مواقع تحتوي على مواد مقرصنة في محركات البحث. وحيث سيدفع تطبيق مثل هذا القانون مواقع التواصل الاجتماعي مثل YouTube وفايسبوك نحو مراقبة محتواها خوفاً من الوقوع تحت طائلة القانون.
وحقيقة الأمر كلا القانونين، يعتبرأن أدوات رقابة وحراس أمن على البوابة الإلكترونية لفضاء الإنترنت، ومقيدان بشكل كبير لحرية التصفح ونقل ونشر المعلومات عبر هذه الوسائط، مما ينذر بانهيار الفلسفة التي خلفت من أجلها شبكات الإنترنت، وهي القائمة على فلسفة حرية تداول المعلومات والمواد المعرفية وغيرها.
ما يلفت نظري بصورة أكبر صيغة التهديد التي ينطوي عليها هذان المشروعان بإمكانية اللجوء إلى السلطات القضائية الأمريكية، لملاحقة أي شخص أو موقع قانوني يقع خارج نطاقها الجغرافي! وكأنها تنذر بولاية قضائية مطلقة للولايات المتحدة عبر الإنترنت. وهو ما وصفه المتحدث الرسمي في وزارة الخارجية الروسية بأنه (دليل على أن الولايات المتحدة تسعى إلى القيام بدور «الحاكم الأعلى» في العالم)، ومحتوى هذا التصريح صحيح إلى حد ما، إذا ما الحاجة لفرض ولاية مطلقة على فضاء رحب وفلسفة الإنترنت قائمة على جعل العالم قرية صغيرة؟! في رأيي الشخصي، بدلاً من فرض ولاية مطلقة كهذه، يمكن اللجوء عبر الاتفاقيات الثنائية أو المعاهدات الشارعة من خلال المنظمات الدولية المعنية، بتنظيم موضوع القرصنة الإلكترونية بشيء من الخصوصية لكي تحتفظ كل دولة بسيادتها بولايتها القضائية على فضائها الإلكتروني (إن صح التعبير). بدلاً من فرض سياسة «الحاكم الأعلى» الأمريكية حسب التصريح الروسي.
ضميري القانوني سوف ينتصر لقانون حماية الملكية الفكرية ولكن في صورة مخففة منه، لكن روحي المتقدة والمتطلعة للحرية ستقف بالمرصاد لمثل هذه القوانين التي سوف تحظر حرية تداول المعرفة وجعلها متاحة لكل الناس مثل الماء والهواء! كيف ونحن الذين ولدنا وترعرنا في ظل هذه الثورة الرقمية في عالم المعرفة، والتي ساهمت بشكل أو بآخر في خلق وعينا ومداركنا وتهذيب أدواتنا المعرفية. فإذا ما بدأنا بفرض القيود على هذه الأدوات؟ فأي وعي تركنا للأجيال القادمة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.