صفوى حبيب محمود طبيب بلباس «عامل نظافة».. واختصاصية نساء وولادة ترفع النفايات من الوحل. 700 متطوِّع ومتطوِّعة ينظِّفون غابة المنجروف في شاطئ صفوى. فيما كانت طبيبة النساء والولادة الدكتورة نهى بخاري منهمِكةً بين الحشائش والوحْل باحثةً عن النفايات؛ كانت هناك مجموعة من الشبَّان يوزِّعون المياهَ الباردة. الطبيبة جاءت من الظهران إلى صفوى لتنظف بيديها الشاطئ من العلب والأكياس وقطع البلاستيك، دون أن تنتظرَ أجراً أو شُكراً، سوى شعورها الداخلي السعيد بخدمة المجتمع وحماية البيئة. وعلى الرغم من حرارة سبتمبر والرطوبة المزعجة والعرق المتصبِّب، كان منظر الدكتورة بخاري جزءاً صغيراً من مئات المهووسين بمثل ما تفعله الطبيبة. أطبَّاء وعاملون في الصحة آخرون، محاسبون، إداريون، معلِّمون، نساء، رجال، أطفال، سعوديون ومقيمون.. وقائمة طويلة من المشغولين الذين «سرقوا» من أوقاتهم الثمينة جزءاً ليخدموا مجتمعهم بلا أجر ولا مكافأة ولا أي مقابل مادي. وعلى امتداد غابة المنجروف؛ توزَّعت العباءات و «بِذل الكفرول»، متقاسمين العمل والمهام، من «عامل نظافة» إلى «منسِّق مجموعة»، دون أن يترفَّع أحدٌ على ما يقوم به، أو يستنكف من مدِّ يديه إلى الوحل والتراب ومخلَّفات الإهمال..! الحدث التاسع جعفر الصفواني إنه الحدث البيئيُّ التاسع من نوعه الذي تعيشه شواطئ القطيف منذ عام 2010، طبقاً لما قاله نائب رئيس جمعية الصيادين جعفر الصفواني الذي بدا محتفِلاً بالتجمع الكبير. ف «بين فترة وأخرى نُحدِّد موقعاً ونوجه نداءً فيهبّ المتطوعون للعمل». يُضيف «فكرة تنظيف شاطئ صفوى نبعت من رئيسة جمعية محبي أصدقاء البيئة في شركة أرامكو السعودية الدكتورة نجوى بخاري، وتمَّ التحضير لها منذ أسبوعين. وكما ترون؛ فإن المتطوعين حضروا من كلِّ مكان». ويقول الصفواني «شاطئ صفوى يُعتبر نظيفاً نسبياً قياساً إلى شواطئ أخرى، وما تمَّ جمعه اليوم عبر المتطوعين وجهاز البلدية لا يتعدَّى 90 متراً مكعباً من النفايات الصغيرة التي أزيلت يدوياً، مقابل 2000 متر مكعب من النفايات الصلبة الكبيرة». يضيف «وعدتنا بلدية صفوى باستمرار العمل لإزالة الأنقاض والمخالفات الكبيرة في الجهة الشمالية للشاطئ». ويوضح «أول حملة بيئية كانت عام 2010 في شاطئ شمال تاروت، وشارك فيها قرابة 1300 متطوع، وأزالت الحملة قرابة 3500 إطار سيارة تالف». 20 جهة علي الناصر اختصاصي مختبر، وهو أحد منسِّقي الحملة. ويذكر أن الجهات المشاركة تجاوزت 20 مؤسسة ولجنة وجمعية وجماعة، لكنه حضر إلى الموقع بلباس فنيي المختبرات، وشارك «المنظفين» ببساطة، وحمل النفايات بيديه دون غضاضة. ومثله الطبيب العام في مستشفى القطيف المركزي الدكتور حسين الغراب الذي ارتدى بذلة «عامل نظافة» وقُفَّازين وغمس يديه في الوحل بين سيقان شجر المنجروف بلا تردُّد. وصورة اختصاصي المختبرات والطبيب هي صورة الممرضة زهراء سويد التي جاءت من بلدة البحاري في محافظة القطيف مرتديةً حجابها وقُفَّازها، وحشرت نفسها وسط الأشجار بين «إخوتي وأخواتي»؛ على حدِّ تعبيرها، أمضت أكثر من ساعتين في العمل على الرغم من الحرِّ الشديد والرطوبة العالية. زوجات وأبناء أما المحاسب علي أحمد شعبان، فيُصنِّف نفسه ناشطاً بيئياً من خلال انضمامه إلى «جمعية الخليج الأخضر»، وهو لم يأتِ وحده، بل رافقته زوجته طالبة السنة الأخيرة في تخصص التمريض نداء المصطفى، وشقيقته طالبة الثانوية فاطمة. والذين رافقوا أبناءهم للعمل التطوعي واضحون، من بينهم مندوب المالية في أرامكو السعودية سامي بخاري الذي حضر برفقة أحد أبنائه، وهو عضو جمعية محبي أصدقاء البيئة، ويقول إنه يشارك للمرة السابعة في هذا النوع من الحملات البيئية. يوم بيئي ومثلما تطوَّع الكبار؛ تطوَّع الطلاب أيضاً، وجاء مدير ثانوية الخطيب البغدادي أحمد الغامدي ب 30 طالباً من مدينة القطيف، ومعهم وكيل المدرسة صقر الغامدي، وشاركوا في الحملة، ناهيك عن معلمين أيضاً، من المدرسة نفسها، ومن مدارس أخرى في محافظة القطيف. ولفت النظر مشاركة خمسة من ذوي الاحتياجات الخاصة أيضاً، ويعلِّق منسِّق المجموعة طالب علوي السيد علي إنه «واجب المجتمع كله، ونحن جزء من هذا المجتمع». ومثلما هناك عاملون هناك موثِّقون أيضاً، من بينهم 15 مصوِّراً ومصوِّرة. وقالت سوزان المحاسنة إنها تمثل مجموعة تصوير تحمل اسم «ماجيكال لينس»، ومشاركة المجموعة هي دعم للنشاط التطوعي. علاوة على الجمعيات واللجان والمجموعات؛ شاركت عائلات من مدينة صفوى. وهكذا؛ لم يطوِ النهار صفحته حتى سجَّل المتطوِّعون يوماً بيئياً جديداً، مُثبتين أن النشاط التطوُّعي يقود الأجهزة الحكومية والمؤسسات بدلاً من أن تقود هذه المؤسسات العمل التطوُّعي. انتهى النهار والوجوه متعرقة مختلطة بلذة العمل المجاني. د. حسين الغراب بلباس عامل حسين وأحمد سعيد وسط الحشائش طلاب من ثانوية الخطيب البغدادي المتطوعات شاركن وهن يرتدين عباءاتهن