ثار شعبُ مصرَ في 30 يونيو ثورةً تصحيحيَّة لثورة 25 يناير التي اختطفها الإخوانُ المسلمون واندفعوا لأخونة بلادِهم، فهنَّأَهُم خادمُ الحرمين الشريفين كأوَّل زعيم في العالم على ثورتهم الثانية، وقدَّم لمصر دعماً سخيّاً بعد تهنئته تلك، لتأتي كلمته حفظه الله بعد فضِّ اعتصامات الإخوان المسلمين وقفةً تاريخيَّة مع مصر لمحاربة الفتنة والإرهاب التي يحركهما الإخوانُ المسلمون، تهنئةٌ ودعمٌ ووقفةٌ تاريخيَّة استقرأ فيها حفظه الله الواقعَ مستشرفاً المستقبلَ فكشف باستقرائه واستشرافه للعرب وللمسلمين وللعالم دوراً رياديّاً وتاريخيّاً سيحول بإذنه تعالى دون ما يُخطَّط للشرق الأوسط من أعداء الأمَّة العربيَّة ومن أبنائها المغرَّر بهم منهم. رفض الملكُ عبدالعزيز رحمه الله طلباً لحسن البنَّا مرشد جماعة الإخوان المسلمين عام 1936م بإنشاء فرعٍ لتنظيمه في بلادنا قائلاً: «كلُّنا إخوان مسلمون»، وحذَّر مشايخ السعوديَّة من التدخُّل في السياسة تأثُّراً بتنظيم الإخوان المسلمين بعبارات واضحة أوردتُها في مقالي في صحيفة «الشرق» في عددها 609، وتعامل الملك فيصل رحمه الله مع الإخوان المسلمين إنسانيّاً كأفراد وليس كتنظيم فاستقبلتْهم المملكةُ في عهده وأتاحت العمل لعدد ٍكبير منهم في جامعاتها وتعليمها العام وإعلامها وجمعيَّاتها الخيريَّة؛ ومع ذلك لم يأبهوا برفض الملك عبدالعزيز ولم يحترموا سياسة الملك فيصل ولم يراعوا منطلقاتهَا فالتفُّوا على ذلك كلِّه، ففي عام 1393 ه انتهزوا موسم الحجِّ فعقدوا اجتماعاً موسّعاً في مكة المكرَّمة ليشكِّلوا لجاناً لعضويَّة الجماعة في الرياض والدمَّام، وجدَّة، مهمَّةٌ سهَّلها عليهم انتشارهم في السعودية وأنجزتها تنظيماتهم السريَّة المحكمة فيها، كشف ذلك الدكتور يوسف القرضاوي أحد رموزهم بقوله: «التنظيم الدوليُّ للإخوان المسلمين كان يعقد اجتماعاتٍ في مكة المكرَّمة والمدينة المنوَّرة أثناء مواسم العمرة والحج»، وفي أحدها اختير منَّاع خليل القطَّان أحدُ قياداتهم الممنوح الجنسيَّة السعوديَّة مسؤولاً عنهم في السعوديَّة فجنَّد السعوديِّين في تنظيمهم باتِّخاذ مكتباتها غطاءً لحركتهم وستاراً لعقد لقاءاتٍ سريَّةٍ لتلافي الرصد الأمنيِّ. خدموا مع بداية التسعينات الهجريَّة من القرن الماضي أهدافَهم وتوجُّهاتهم بنشر دعوتهم فكراً وتنظيماً في بلادنا بالسيطرة على العمليَّة التعليميَّة والتربويَّة، وعلى الجمعيَّات الخيريَّة، وعلى المؤسَّسات الإسلاميَّة الشموليَّة، وتغلغلوا في المجتمع السعوديِّ بشتى السبل فجنَّدوا السعوديِّين؛ ليحقِّقوا آمال مرشدهم حسن البنَّا بنشر أفكارهم والعمل على تكوين خلاياهم السريَّة في السعوديَّة، واستطاعوا من خلال الجامعات والتعليم العام والإعلام والجمعيَّات الخيريَّة أن يستقطبوا شريحة كبيرة من السعوديِّين ليهيئوهم للدور القادم في ضوء أهدافهم ومخطَّطاتهم كتنظيم سريٍّ عالميٍّ، وبالمقابل أقصوا من المواطنين في ضوء تصنيفاتهم شريحة أكبر فحاربوهم مستعينين بمؤيِّديهم من المتأخونين السعوديِّين في الجامعات في اختيار معيديها وأساتذتها وفي النشاطات الجامعيَّة، وكنتُ وأنا ثاني دفعتي للبكالوريوس أحد ضحايا إقصائهم، بل ولقيتُ منهم حرباً في دراساتي العليا في جامعاتنا، وفي الابتعاث خارج المملكة، وحاربوني في عملي في التعليم العام ووقفوا دون ترشيحي مشرفاً تربويّاً إلى أن رشُّحتُ مباشرة من وزير المعارف الدكتور عبدالعزيز الخويطر، وحالوا دون تكليفي بإدارة التربية والتعليم في محافظة عنيزة بالرَّغم من تأهيلي بالدكتوراة وبما يزيد على مائة من خطابات الشكر والتقدير من الوزراء والوكلاء ومديري العموم في الوزارة على دراساتي وأبحاثي العلميَّة التربويَّة ومراجعاتي للمقرَّرات، فكانوا كلَّما أشيع تكليفي بعثوا ببرقيَّاتهم وخطاباتهم لوكيل الوزارة آنذاك الدكتور عبدالعزيز الثنيَّان الذي سألني عمَّا أفعل في محافظة عنيزة ليقفوا هذا الموقف منِّي، واستمروا في محاربتي حتَّى تقاعدي، وحوربتُ في الأعمال التطوعيَّة فحالوا دون ترشيحي لمجالس إدارات الجمعيَّات التطوعيَّة. وأمام ذلك كلِّه ما استكنت ولا خشيتُ من تهديداتهم لي فكنت أكتب مقالاتي الصحفيَّة في صحيفة الوطن، وأشير في تقاريري الإشرافيَّة عن الفكر المتطرِّف والتشدُّد الديني والتصنيف والإقصاء والتهميش الذي يمارسونه ضدَّ غيرهم؛ الأمر الذي أدخلني في تحقيقات إداريَّة ووزاريَّة انتهت بدراسة علميَّة في مجال الأمن الفكريِّ بعنوان: أدوار في التطرُّف الفكريِّ والتشدُّد الدينيِّ ومعه وفي مواجهته: رصد ميدانيٌّ وتحليلات في الأمن الفكريِّ، عام 1425ه، وذلك عن ظاهرة التطرُّف الفكريِّ في مدارسنا وفي إدارتها التعليميَّة في محافظة عنيزة، دراسة أضحت ورقة عمل لوزارة التربية والتعليم ولوزارة الداخليَّة أثمرت تقليصاً لجهودهم السابقة فيها، ولستُ وحدي الذي حاربه المتأخونون بل أنا من الآلاف الذين صُنِّفوا فحوربوا في دراساتهم وأعمالهم الوظيفيَّة والتطوُّعيَّة وفي وقفاتهم الإعلاميَّة ضدَّهم، فإذا كان هذا تاريخ الإخوان المسلمين بما انكشفوا فيه أهدافاً ودوافع في مصر، وفي دول الخليج فإلام نحن ساكتون عنهم وعن المتأخونين في بلادنا؟، فليُبْعَدْ الإخوان المسلمون لبلادهم ولتسقط منهم ومن أسرهم الجنسيَّة السعوديَّة، ولتتابع بلادُنا المتأخونين السعوديِّين الذين تبنَّوا أفكارهم وتنظيمهم السريِّ ودرسوا عليهم هنا وهناك ويسَّروا استقدام بعضهم، ولتصحَّح الأوضاع والأفكار بملاحقتهم وتنظيماتهم السريَّة، فشعب السعوديَّة مسلم لا يقبل من يعبث بأمنه واستقراره من الإخوان المسلمين والمتأخونين السعوديِّين، فهل التصحيح في بلادنا آتٍ؟!!. ثمَّ هل سننصف نحن الذين أوذينا من قبلهم وصنِّفنا وحوربنا في تعليمنا الجامعي والعالي وفي أعمالنا الوظيفيَّة والاجتماعيَّة التطوعيَّة ومورس ضدَّنا الإقصاء والتهميش؟!؛ لأنَّنا وقفنا ضدَّ مساراتهم وتوجُّهاتهم وكشفنا مخطَّطاتهم ضدَّ الوطن والمواطن، فليُعَدْ النظرُ في قضايانا معهم والتي حفظ بعضها وحكم ببعضها بتأثيرهم لصالحهم، أملنا بأبي متعب حفظه الله الذي وقف وقفته التاريخيَّة مع شعب مصر التي لن ينساها العالم أن يقفَ وقفةً تاريخيَّة أخرى مع شعبه ضدَّ هذه الفئة المحرَّكة بأهدافها ومصالحها ضدَّ الشعب والوطن، وأن يعيدهم إلى الوسطيَّة والاعتدال وأن ينظر في مكتساباتهم الوظيفيَّة في ضوء تكافؤ الفرص والعدالة والكفاءة مع غيرهم من المواطنين، سواء أكان منهم من لم يزل في خدمته الوظيفيَّة أم من تقاعد منهم منها، والتاريخ يحفظ كلَّ تجاوزاتهم ولدى المتضرِّرين الوثائق والشواهد التي تدينهم. وليُنظر في أساليبهم لجمع الأموال للجمعيَّات الخيريَّة وصرفها، وفي أساليب تزوير انتخابات عضويَّات مجالس إداراتها، أمل كبير أن تصحَّحَ مسيرة التنمية التي أعيقت من قبلهم باسم الدين، فيما هم يعملون لمصالح خاصَّة يسهل إثباتها ممَّن رصدوا مسيرتهم خلال الفترة السابقة.