في الوقت الذي يتقدَّم فيه مقاتلو الجيش السوري الحر على أكثر من جبهة، منتزعاً مواقع جديدة من أيدي قوات الأسد وحلفائها، بدأت بعض المليشيات المنضوية تحت لواء المعارضة بمواجهات فيما بينها، فتنظيم دولة العراق والشام الإسلامية الذي ينتمي للقاعدة، يحاول بسط نفوذه بشكل كامل في مناطق وجوده، وبدأت مواجهاته تتصاعد مع كتائب أخرى إسلامية، وبعض القوى الكردية في الشمال السوري، كما حدثت مواجهات مع بعض كتائب من الجيش الحر قبل ذلك. هذا التنظيم الذي رفضه السوريون، وباتوا يخرجون بتظاهرات ضده وضد ممارساته، متهمين إياه بالتعامل مع النظام، وأنه الوجه الآخر له، وهذا التنظيم الذي يتزعمه قياديون من القاعدة قدِموا من دول عدة، وبشكل خاص من العراق، يقوم بأعمال النهب والخطف واستغلال ثروات السوريين، أصبح يشكِّل عائقاً أمام تحقيق طموحاتهم في الخلاص من الاستبداد، بل ربما شعروا أنهم استبدلوا استبداداً بآخر، ويقول ناشطون: إن تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية ينوي إعلان دولته، على غرار ما حدث في العراق قبل سنوات، وإن مواجهاته مع الكتائب الأخرى تأتي ضمن هذا السياق، ليكون القوة العسكرية الوحيدة في هذه المناطق، وفي الوقت الذي مازال المجتمع الدولي يقنِّن وصول السلاح للجيش الحر، تزداد هذه التنظيمات قوة من حيث السلاح والمال مجهولي المصدر. الصراع في سوريا يتحوَّل من صراع مع الأسد وحلفائه، إلى صراع بين قوى الثورة، وأصبحت سوريا ساحة صراع مفتوحة لهذه القوى التي أتت من كل حدب وصوب، ولكل واحدة أجندتها الخاصة وارتباطاتها المشبوهة، ولعل هذا الواقع الذي أوجده النظام وحلفاؤه للقضاء على ثورة السوريين ضده يفرض استحقاقات جديدة على قادة المعارضة وقادة الجيش الحر، ومن هنا تأتي أهمية ما أكده رئيس الائتلاف الوطني السوري في تشكيل جيش وطني، يضم جميع القوى العسكرية تحت قيادة موحَّدة والحفاظ على هدفها في إسقاط النظام وتحرير سوريا من جميع القوات الأجنبية التي أدخلها النظام وحلفاؤه، فهل ينجح السوريون في الحفاظ على ثورتهم وتوحيد صفوفها، قبل أن تتنازعها القوى الغريبة عنهم قبل فوات الأوان.