مع استمرار المواجهات بين الجيش الحر وقوى الثورة من جهة، وقوات الأسد التي يدعمها حزب الله اللبناني، والمليشيات العراقية، والحرس الثوري الإيراني من جهة أخرى، ودخول تنظيم القاعدة تحت اسم «دولة العراق والشام الإسلامية» على خط هذا الصراع تحت عباءة الثورة السورية، ثم مواجهة قوى الثورة، تتحول المعركة في سوريا إلى ساحة حرب مفتوحة، أشارت كثير من التصريحات الغربية إلى احتمال استمرارها عقداً من الزمن وربما أكثر. اللافت أن قرار «دولة العراق والشام الإسلامية» – وهو التنظيم الذي كان ينشط في العراق بصورة مشبوهة، ويرتبط بعديد من أجهزة المخابرات، بشكل خاص الحرس الثوري الإيراني – مواجهة قوى الثورة والجيش الحر جاء بعد فشل الأسد وحلفائه في القضاء على الثورة، رغم ادعائهم تحقيق انتصارات هنا وهناك. هذا التنظيم، الذي ارتكب المجازر في العراق بشكل يومي، ولم يتورع عن قتل الأبرياء بدم بارد، بات قاتلاً مأجوراً بيد مَنْ يدفع، وأصبحت التصريحات تخرج بصوت مرتفع بشأن تلقيه المال مقابل تنفيذ عملياته، إضافة إلى تمويل إيران كثيراً من نشاطاته الإرهابية. وهو الآن يظهر على الساحة السورية في محاولة لاختراق الثورة والجيش الحر من الداخل، وبدء معركة مفتوحة معه، خاصة أنه يمتلك خبرة قتالية، ودعماً لوجستياً، فيما يؤكد نشاطون سوريون أن النظام تخلى عن عدة مواقع عسكرية ل «دولة العراق والشام الإسلامية» لأجل اختراق قوى الثورة. السوريون، رغم أنهم يؤكدون أنهم ماضون في ثورتهم حتى إسقاط النظام، وتحرير بلادهم من القوى الأجنبية، التي تقاتل إلى جانب الأسد، يجدون أنفسهم اليوم أمام عدو آخر، يقاتل من داخل مناطقهم المحررة، ويفرض عليهم مواجهات لم تكن في حسبانهم، لتتسع دائرة المواجهات، ويعاد تقسيم الجبهات، والمدن مرة أخرى، فيما يرزح الشعب تحت وطأة الحرب والتشرد واللجوء. بات هناك مَنْ يقول للسوريين إن بلادهم تحولت إلى ساحة حرب مفتوحة، وأن إنهاءها لم يعد بيدهم، وكذلك مصيرهم الذي خرجوا للمطالبة به، فكان الرد هو الرصاص، لأنه بعد سقوط نظام الأسد سيكون عليهم مواجهة قوى التطرف. ربما لن تنتهي هذه الحرب بسقوط النظام، كما يدّعي البعض، ولكن سقوطه هو شرط أكيد لانتهائها، فهو من بدأها ضد شعب أعزل، وهو مَنْ استدعى قوى الظلام لتعيث في الأرض فساداً.