تتحول سوريا يوما بعد آخر إلى ساحة صراع إقليمية تظهر فيها صراعات جانبية على أسس إثنية ودينية وطائفية، إضافة إلى الصراع السياسي بين النظام وقوى الثورة. ونجح نظام الأسد وبالتعاون مع حلفائه في العراق وإيران ولبنان في بث النفس الطائفي في الثورة باستجرار المقاتلين المتشددين ليشكلوا فصائل عسكرية تقاتل تحت رايات دينية مستجيبة لما يريده النظام في تحويل الثورة ضده إلى حرب طائفية يسعى إلى توسيعها إقليميا، فيما يخشى كثير من الناشطين أن تكون معركة ما سمي تحرير الساحل تدعم اتجاه تحويل الصراع إلى طائفي يصب في خدمة التقسيم. كانت «جبهة النصرة» أول فصيل متشدد يتشكل خارج إطار الجيش الحر، واليوم ينظر عديد من المقاتلين في الجيش الحر والثوار إلى هذه الجبهة على أنها تشكلت لخدمة النظام، وأن قادتها ينسقون معه ويدللون على ذلك بالتصريحات التي يطلقها هؤلاء، وتنعكس سلبا على الثورة، وينظر السوريون أيضا لحزب العمال الكردستاني كإحدى أدوات النظام التي تحاول اختراق الثورة وإضعافها من الداخل، ما قد يمهد لإعلان دولة كردية في الشمال السوري، ويؤكد الناشطون أن النظام تخلى عن عديد من المدن والبلدات في الشمال لهذا الحزب. وجاء دخول تنظيم القاعدة تحت اسم «دولة العراق والشام الإسلامية» وبشكل رسمي إلى ساحة الصراع السورية مؤخرا ليزيد من تعقيد الأزمة السورية، ويوسع رقعة الصراع، واعتبر الناشطون أن عملية الهجوم على سجني العراق وهروب مئات من قادة القاعدة عملية مدبرة لدعم هذا التنظيم الذي رمى بثقله في الصراع السوري، وتمهيد لإعلان دولته في شمال شرق سوريا، وترافق ذلك مع اشتداد الصراع بين الأكراد وتنظيم القاعدة في الشمال السوري. فهل نجح الأسد وحلفاؤه في تحويل سوريا إلى ساحة صراع إقليمية، وتجميع عناصر تنظيم القاعدة فيها ليصارعوا السوريين على النفوذ وإقامة الدويلات، التي من الممكن أن تمهد لتقسيم سوريا إلى ثلاثة أقاليم كردية، وعلوية وسنية في الوسط والجنوب؟.