يتوقع المراقبون انفراجاً وشيكاً في علاقة الخرطومبجوبا في أعقاب إقالة الرئيس الجنوبي، الفريق أول سلفاكير ميارديت، بعض العناصر القيادية في حكومته السابقة والحزب الحاكم في جوبا (الحركة الشعبية) وتشكيله حكومة تكنوقراط لإدارة شؤون البلاد تتألف من 20 وزيراً. ووصف المراقبون العناصر المقالة ب «حجر العثرة» في طريق تحسن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وقالوا إن إبعاد هذه العناصر ربما يفتح الطريق لتأسيس علاقات جديدة تقوم على التبادل المشترك للمصالح بين البلدين ويمهد الطريق لتفاهمات جديدة لحلحلة القضايا العالقة ومن بينها الملفات الشائكة خاصة في المجال الأمني. ويتهم السودان دولة الجنوب بتقديم الدعم المالي واللوجستي للمعارضة المسلحة في البلاد، وتميل العناصر المبعدة في حكومة الجنوب إلى دعم معارضي حكومة عمر البشير لإيمانها بتغيير النظام في الخرطوم للتمكين لأطروحة السودان الجديد، كما كانت هذه العناصر تتشدد في المفاوضات الجارية بين البلدين لحلحلة القضايا الخلافية في مسائل الحدود والملفات الأمنية وأبيي. وفي إشارةٍ إلى إمكانية تحسن العلاقات، أعلنت وزارة البترول في جنوب السودان أن جوبا ستواصل تصدير النفط هذا الأسبوع بعد أن قرر السودان تمديد المهلة التي ستُقطَع بعدها الإمدادات لمدة أسبوعين. وأرجأت الحكومة السودانية موعد إغلاق خط الأنابيب الذي ينقل نفط جنوب السودان إلى موانئ التصدير في الشمال لإتاحة مزيد من الوقت لإنهاء النزاع بشأن اتهامات متبادلة بدعم متمردين. وكانت الخرطوم أبلغت جوبا في يونيو الماضي أنها ستوقف كل صادرات النفط عبر خط أنابيبها اعتبارا من 7 أغسطس الجاري متهمة دولة الجنوب بدعم متمردين معادين لحكومة الرئيس عمر البشير ينشطون عبر حدود البلدين، وهو ما نفاه الجنوب. وقال المتحدث باسم وزارة البترول والتعدين في جنوب السودان، نيكوديموس أجاك بيور، إن «كل آبار النفط في ولايات أعالي النيل والوحدة تعمل بعد تمديد المهلة إلى الثاني والعشرين من الشهر المقبل، وتواصل إنتاجها الطبيعي من المادة الخام بواقع ما بين 100 ألف و180 ألف برميل يوميا». وتم ترتيب تمديد مهلة ضخ النفط الجنوبي من خلال مفاوضات قام بها رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى، ثابو مبيكي، ووزير الخارجية الإثيوبي، تادرس أدهانوم، والممثل الصيني الخاص للشؤون الإفريقية، تشونغ جيان، وأبدى هؤلاء المفاوضون حماساً لرؤية السودان ودولة الجنوب يحلان خلافاتهما دون استعادة المواجهات التي ستحدث أضرارا باقتصاديهما على حدٍ سواء وستزيد مخاطر الصراع. وعندما انفصل جنوب السودان وأصبح دولة مستقلة في العام 2011، حصل على ثلثي احتياطيات السودان من النفط، وأصبحت ميزانية دولة الجنوب الوليدة معتمدة بشكل رئيس على صادراتها من الذهب الأسود، لكنها كدولة مفتقرة لأي منفذ بحري ظلت معتمدة على خطوط أنابيب النفط الممتدة إلى الشمال لنقل نفطها إلى الأسواق. وجعل هذا الوضع دبلوماسيين يعربون عن قلقهم من أن يؤدي وقف الصادرات إلى تقويض استقرار دولة الجنوب، ومثلما تأذى جنوب السودان من إغلاق خطي النفط لحق الضرر أيضا بدولة الشمال التي تحتاج إلى العملات الصعبة من رسوم مرور النفط التي يدفعها الجنوب. في المقابل، وصف المبعدون قرارات الرئيس كير الأخيرة بأنها «اختطاف للحركة الشعبية» الحاكمة في جوبا بإيعاز من الخرطوم، فيما أشادت الخرطوم على لسان وزير خارجيتها علي كرتي ب «الإشارات الإيجابية» من دولة الجنوب في إطار تحسين علاقات البلدين، ورأى أن دولة الجنوب تمر الآن بمنعطف إيجابي يساهم في أمنها وسلامة أراضيها واستقرار اقتصادها. يُذكَر أن حجم الصادرات السودانية إلى دولة الجنوب يبلغ حوالي نصف مليار دولار، ويُتوقَّع أن تزدهر التجارة بين البلدين في حال تحسن العلاقات الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على الحركة الاقتصادية كما سيقود إلى استقرار ضخ البترول الجنوبي عبر موانئ التصدير السودانية.