يعتبره كثيرون أول من كتب النقد الثقافي في المملكة، لكنه لا ينظر إلى نفسه «رائدًا في أي شيء»، وهو يكتفي بالقول، مبتسماً، إن «الجاحظ هو أول ناقد ثقافي في تاريخنا العربي»! ذلك هو الناقد والكاتب الصحفي «النابغة» عابد خزندار! أما لماذا «النابغة»؟ فلأنه، أيضا، لم يبدأ الكتابة إلا بعد سن الأربعين! ولد خزندار في العام الهجري 1345، ما يعني أنه دخل في عامه الواحد بعد الثمانين، وهو والد السيدة منى خزندار مديرة معهد العالم العربي في باريس، وله عديد من المؤلفات والترجمات التي طالما كانت حديث المجتمع الثقافي في المملكة، ومن أبرز عناوينها: الإبداع، حديث الحداثة، قراءة في كتاب الحب، رواية ما بعد الحداثة، أنثوية شهرزاد. لكن بقاء خزندار المثمر لم يدم طويلاً في الساحة الثقافية، إذ سرعان ما تحول إلى الكتابة الاجتماعية، مكتفياً ببعض الترجمات الثقافية التي ينشرها بين فترة وأخرى، ليصبح واحداً من أبرز فرسانها، وليكتسب بعدها شهرة طاغية، بسبب جرأته وصدقه، ما تسبب في إيقافه عن النشر أكثر من مرة، وهو يقول دائما إن لا أحد يستطيع منعه من الكتابة؛ «أكتب كل يوم بمعدل ثلاث إلى أربع ساعات»، أما منعه من النشر فذاك شيء آخر! ويعد خزندار حالياً من أكثر الكتاب السعوديين اهتماماً بشؤون الوطن والتفاعل مع قضاياه وأمنياته، وهو يبدي في زاويته الصحفية اليومية حرصاً كبيراً على الدفاع عن الحريات العامة وحماية المال العام والأراضي العامة. وقبل مغادرته المملكة إلى باريس للإقامة هناك مع ابنتيه منى وسارة، بعد وفاة زوجته الصحفية الرائدة شمس الحسيني، كان خزندار يجاهد للإبقاء على مشروعه الثقافي والتنويري الخاص، الذي كان يتطلع من خلاله إلى «تأسيس دار نشر فاعلة وداعمة للحراك الثقافي»، إلا أن هذا المشروع الطموح لم ينجح، بسبب عدم مراعاة «الأستاذ» ل«قانون السوق»! المهم، الآن، هو «قانون الصحافة»! فنحن لا نحتمل خسارة «عابد خزندار» مرتين!