لا أحد في الوجود ينكر أحزانه وهمومه التي تعتم عليه كثيراً من رؤية الأمور ببساطتها وعدم تضخيم ما يحدث له والتي لا خلاص ولا فرار له منها مقّدرة عليه كما شاء الله لقوله تعالى : «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» القمر [47-49]، ربما نتقن إخفاءها لكن لا يعني هذا عدمها، لذا نحن نضطر إلى أن نتعايش معها وأن نتأقلم مع ما تصنعه لنا من قلق وإرهاق وغيره، وأن نمثّّلَ فرحاً يتخلله حزن، وأملاً يصاحبه ألم، ولفترة وجيزة لا نعيش الحياة بصدق ولا نشعر بتلك السعادة التي تحلّق بأرواحنا كماهي في السابق، كما لو أنَّنا لم نكبر قليلاً، ولم نصطدم بالواقع كثيراً، فنمضي ونعلو وتارة نسقط ثم نكمل لتسير بنا الحياة مخلّفة لنا ذاكرة لا تُنسى، وأطياف ألم لا تبرأ، وأوجاعاً تتجدد، حقاً لم تفلح في عطاءاتها لنا، فنبدأ قصة تحد إما أن تغلبنا وإما أن نغلبها، ويكون ذلك بذاكرة تتناسى وبقلب يحترف التجاهل، نعم من خلال التجاهل والتناسي سنتخطى وطأة الأحزان ونغلب الألم، وبوجود أرواح تُكن لنا حباً واهتماماً صادقاً ستفرمنا الأحزان وتختبئ تحت لطف الله بنا وينبثق من أعماقنا فرح يجلّي همومنا.