بعمامة رفسنجاني وعباءة خاتمي يبدأ المرشح الفائز بانتخابات رئاسة الجمهورية الإيرانية حسن روحاني فترة جديدة للتيار الإصلاحي في إدارة شؤون البلاد، وذلك بعد فوزه من الجولة الأولى بنسبة 50.6% من أصوات الناخبين، حيث شكل فوزه ترحيباً واسعاً على المستوى الإقليمي والدولي لما قد يحدثه من سياسة إيرانية جديدة وخصوصاً فيما يتعلق بالملف النووي. فوز الرجل جاء مفاجئاً للأوساط السياسية والإعلامية وفقاً لما أظهرته التحليلات والتوقعات من فوز المحافظين في ضوء دراسة مقدمات الحراك الانتخابي ومعطياته، إضافة لما شكلته انتخابات 2009م من تشكيك في مصداقية الديمقراطية الإيرانية، خصوصاً لدى الشارع الإيراني نفسه، الذي أصبح يرى الآن وبعد فوز روحاني أن عصر الاعتدال والأمل جاء ليقضي على التطرف، وهو ما يعكس حالة التفاؤل في مساحة التغيير المتوقعة من الرئيس الجديد، الحالة نفسها ولكن بجرعة أقل عبَّرت عنها تصريحات قادة بعض الدول في توقع إمكانيات التغيير وأفق الانفتاح على المجتمع الدولي. ووسط هذا التفاؤل من المجتمع الإيراني والدولي وأمام برنامج روحاني بصُعُده السياسية والاقتصادية والاجتماعية تبرز تحديات ومحددات قد تقلل من فرص نجاح روحاني في أدائه الرئاسي المقبل، وهي على النحو التالي: 1 – التحدي الأول هو دستوري يكمن في أحقية نقض الولي الفقيه لأي من قرارات السلطات الثلاث التي هي تحت إشراف وتوجيه الولي الفقيه، كما هو منصوص عليه في المادة 57 من الدستور الإيراني، وهو ما يعني أن استراتيجية الثورة ومرشدها يجب تطبيقها من قبل مؤسسات الدولة ورئيسها. وأبرز الاستراتيجيات التي قد تشكل نطاقاً ضيقاً في صلاحيات روحاني هو الملف النووي الإيراني الذي يدار من المرشد الأعلى، وكيفية تعاطي روحاني مع هذا الملف سيُبنى عليه الحكم النهائي للولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بحق الرجل، الذي سبق أن شغل منصب كبير المفاوضين في هذا الشأن، وهو مطالب الآن بتقديم ما هو جديد حول هذا الملف بعد أن مارست فيه إيران غموضاً بلغ حدوده القصوى أدى في النهاية إلى فرض عقوبات اقتصادية عليها. 2 – التحدي الثاني هو في الثقل الثاني في البلاد والمتمثل في الحرس الثوري الذي دخل أربعة من رجالاته مضمار السباق الرئاسي، وما يزيد من قوة هذا الحرس دخوله في تحالف مع المرشد الأعلى أمسك بمفاصل الدولة وتجذَّر في مؤسساتها بشكل هرمي، وهو ما قد يهدد خطة الرئيس حسن روحاني في إعادة بناء العلاقات الخارجية وإنهاء عزلة طهران. فقد سبق للحرس أن أفشل السياسة الخارجية المسماة «نزع التوتر» في فترة رئاسة هاشمي رفسنجاني عبر افتعال الأزمات على الرغم مما كانت تعانيه البلاد من عزلة وتردٍّ للأوضاع الاقتصادية على نحو أكثر سوءاً مما تعانيه الآن. 3 – أما التحدي الثالث فهو في تشكيلة البرلمان الحالي الذي تطغى عليه أغلبية محافظة، وهو ما يعطي إشارة إلى صعوبة تحريك الملفات الاجتماعية والاقتصادية التي قدمها حسن روحاني في برنامجه الانتخابي مثل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، واحترام حقوق الأقليات والمرأة والمجتمع المدني وحريات التعبير. فلم يوفق صاحباه الإصلاحيان رفسنجاني وخاتمي أثناء فترة رئاستهما في الحصول على موافقة البرلمان لإقرار عديد من المشاريع والقرارات بحجة أنها بعيدة عن الثورة ومبادئها!! والأمر ليس ببعيد تكراره مع روحاني الذي وصف نفسه بأنه «امتداد لرفسنجاني وخاتمي».