سبق أن كتبنا عن تعاطي المرور غير المرضي مع الأزمات المرورية الخانق، وعدم وجوده في الأماكن التي فيها حاجة لوجوده رغبة في الارتقاء بفعالية حضوره، لكن وللإنصاف يجب أن نؤكد كذلك على دور الثقافة المرورية، وأهمية احترام قوانين المرور بشكل ذاتي باعتبارهما من أسباب دعم أية جهود للارتقاء بالخدمات المقدمة للمستفيدين. مؤسف حقيقة أن ينفرد مجتمعنا بحالة غريبة عن باقي المجتمعات والمتمثلة في الحاجة لوجود سيارة مرور لحفظ النظام عند كل أشارة، ودوار ونفق ومخرج ومدخل وتقاطع ومدرسة ومصلحة وسوق ومطعم وحديقة ومهرجان والقائمة تطول. بل واستنزافا للجهود أن تفرغ سيارة مرور مثلا للوقوف أمام كل مطعم من مطاعم (المثلوثة) التي لا يكاد يخلو شارع منها لتنظيم حركة زبائنها الذين لم ينسوا وجبة الأكل، ولكن تناسوا أن للمرور أنظمة وأصولا، وغابت عنهم ثقافة تأنيب الضمير عندما تجرأوا على النظام بالوقوف العشوائي وأغلاق المنافذ، والتسبب في أزمات مرورية خانقة. نعم نحن لدينا خلل في الثقافة المرورية، وعدم احترام قوانين السير، لكن ذلك ترسخ بمرور الزمن نتيجة تراخي المرور عن فرضه بالأدوات والآليات النظامية، ما تسبب في خلق جيل جديد يعتبر فوضى القيادة تسلية والتطاول على الأنظمة نضجا، لكن الأكثر خللا أن تحصر الخطط والسياسات المرورية جهودها في المشاريع والبرامج ذات المردود المادي!