زُيِّنت مطبوعاتُ الأندية الرياضيَّة بكلمات: رياضيّ، ثقافيّ، اجتماعيّ تلي مسمَّياتها، وعلتْ مقرَّاتِها لوحاتٌ بمسمَّياتها وبتلك الكلمات، إلَّا أنَّ معظمها انصرفتْ إلى الرياضة مهملةً الجانبين الثقافيَّ والاجتماعيَّ، مهتمَّةً بدورها الرئيس الذي لأجله تجمَّع الشبابُ فأنشأوا لهم نادياً سجَّلوه بالرئاسة العامَّة لرعاية الشباب، وما فُعِّلَ المساران الثقافيُّ والاجتماعيُّ إلَّا من أندية ريفيَّة أخفقت في منافساتها الرياضيَّة، وحينما حقَّقت في مسارها الرياضيِّ بطولاتٍ خفَّت اهتماماتُها بالمسارين الأخيرين، وهذا توجُّه قد يكون طبيعياً. وأنشئتْ الأنديةُ الأدبيَّةُ ملحقةً بالرئاسة العامَّة لرعاية الشباب، فاختلفتْ جهودُها أمام مسارين، فجاء الثاني الطارئ فرعيّاً، وهذا قد يكون طبيعيّاً، ولكن بالرغم من ذلك حقَّقتْ الأنديةُ الأدبيَّة منجزاتٍ في مجالها وبعضَ أهدافها آنذاك لقَصْر نشاطاتها على الأدب وفق تسميتها، وتمايزت فيما بينها في تحديد مجالاتها وأنشطتها وبرامجها الأدبيَّة، فانشغلت أنديةٌ أدبيَّةٌ بمواضيع عامَّة واجتماعيَّة وتاريخيَّة وتنمويَّة وغيرها في إصداراتها ومحاضراتها وندواتها وبرامجها؛ فتعثَّرت عن تحقيق أهدافها في مجالها الأدبيِّ، لذلك ولأسباب أخرى تتعلَّق بإداراتها وبتكوين مجالسها، ولعدم وجود جمعيَّات عموميَّة لعدم الحاجة لها في تعيين مجالس الإدارات، وقد يكون عدم وجود جمعيَّات عموميَّة وضعاً طبيعيّاً آنذاك. وانتقلت الأنديةُ الأدبيَّة إلى وزارة الإعلام التي خطَّطتْ تحت مسمَّاها الجديد المضاف إليه الثقافة لتنقلَ الأنديةَ الأدبيَّة نقلةً نوعيَّةً في أنشطتها وبرامجها وإداراتها بمجالس لإدارات منتخبة من جمعيَّاتها العموميَّة، وكتجربة حديثة على الوطن أعدَّت الوزارة ممثَّلة بوكالتها للشؤون الثقافيَّة لوائح الأندية الأدبيَّة: الأساسيَّة، والماليَّة، ولائحة الانتخابات مستعينة بالأدباء والمثقَّفين، ولاشكَّ في أنَّ أيَّ عمل أو تنظيم مستحدث ستظهر فيه وعليه بعض جوانب القصور والملاحظات السلبيَّة عند التطبيقات الميدانيَّة، مقارنة بمرحلتها السابقة لذلك؛ فظهرت إشكالات واسعة ومشكلات عديدة بين مجالس إداراتها وجمعيَّاتها العموميَّة من جهة، وبين أعضاء مجالس إداراتها من جهة ثانية، وبين الأندية الأدبيَّة وبين الوزارة من جهة ثالثة، وهذا قد يكون ظهوراً متوقَّعاً، وبخاصَّة أنَّ الوزارة بعد تسلُّم الإشراف على الأندية الأدبيَّة من الرئاسة العامَّة لرعاية الشباب رأت في خطوتها التطويريَّة الانتخابيَّة أن تكون الأنديةُ الأدبيَّة ميداناً وطنيّاً للمثقَّفين والأدباء معاً، فولَّد هذا التوجُّه مشكلات كثيرة فتنحَّى معظم الأدباء عن الأندية الأدبيَّة قبل انتخاباتها، وانسحب معظم المشاركين في انتخاباتها من مجالس إداراتها ومن جمعيَّاتها العموميَّة حين أحسُّوا إلى جانب المثقَّفين غير الأدباء بتهميشهم وبظهور اختلافات وصراعات معهم. وبرصد وزارة الثقافة والإعلام هذه التجربة الانتخابيَّة من جانب، ولخلط الثقافة بالأدب في عضويَّات الأندية الأدبيَّة من جانب آخر، تبيَّنتْ مشكلات عديدة وصراعات بين أعضائها وفي مجالس إداراتها، وصل بعضها إلى المحاكم الإداريَّة وإلى انسحابات معطِّلة لنظاميَّة المجالس ولتنفيذ أنشطة الأندية الأدبيَّة وبرامجها، تبيَّنت ذلك من خلال شكاوى وردتها من الأندية الأدبيَّة، وممَّا نقلته تقارير الأندية الأدبيَّة، وممَّا يُكتب عنها في الصحف المحليَّة؛ ممَّا جعل وزارة الثقافة والإعلام تقتنع بأن الأندية الأدبيَّة بأوضاعها القائمة لا تخدم المشهدَ الأدبيَّ والثقافيَّ في الوطن، فتوصَّلت بتقويمها الواقع لقناعة مستقرَّة بضرورة تطوير لوائح الأندية الأدبيَّة لسدِّ الثغرات ولتلافي الإشكالات، فبمضي فترة مناسبة على تطبيقها، وفي ضوء أهميَّة المراجعة وتصحيح الثغرات مع كلِّ عمل يطبَّق ميدانيّاً، فقد استشارت الوزارة كتابيّاً مائة أديب على مستوى الوطن عن واقع الأندية الأدبيَّة ممَّن عُرفوا باهتماماتهم واشتغالهم في الشأن الثقافيِّ والأدبيِّ من خارج الأندية الأدبيَّة، لتشكِّل منهم لجنةً من 21 عضواً، فصدرت موافقة معالي وزير الثقافة والإعلام برقم (98042) وبتاريخ 10 / 10 / 1433 ه لدراسة لائحة الأندية الأدبيَّة وإبداء ملحوظاتهم ومرئيَّاتهم ومقترحاتهم حولها، ومن أولئك اختارت الوزارة سبعةً أضافت إليهم مدير عام الأندية الأدبيَّة السابق ومُسْتَشَارَين قانونيَّين، فصدرت موافقة معالي الوزير برقم (119138) وبتاريخ 29 / 12 / 1433 ه بتشكيل لجنة نهائيَّة منهم وتكليفهم بتعديل لائحة الأندية الأدبيَّة، إضافةً وتعديلاً وحذفاً وإعادَة صياغة. وبدأت لجنة تعديل لائحة الأندية الأدبيَّة أعمالها ببداية عام 1434ه بدارسة ما ورد إلى الوزارة من اللجان السابقة ومن مجالس إدارات الأندية الأدبيَّة وجمعيَّاتها العموميَّة من ملحوظات ومرئيَّات ومقترحات، لتنجز مهمَّتها في 20 / 7 / 1434 ه ولتسلِّم منجزاتها لوكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافيَّة لتسليمها لمعالي وزير الثقافة والإعلام لاعتمادها للعمل بها في الدورة الانتخابيَّة القادمة، وحيث رأى معاليه في تغريدة نشرها في موقعه ب«تويتر» الاستفتاءَ عليها قائلاً: «ستعرض لائحةُ الأندية الأدبيَّة الجديدة على الأدباء والمثقَّفين في المملكة في موقع خاص ليُبدوا اقتراحاتهم عليها»، وإذْ أتَّفق مع معاليه على أنَّ الاستفتاء على اللائحة سيزيدها جودة وإتقاناً فإنِّي أؤمِّل أن يتيح معاليه لأعضاء لجنة تعديل لائحة الأندية الأدبيَّة في لقائهم المرتقب به بمعيَّة وكيل الوزارة للشؤون الثقافيَّة الدكتور ناصر الحجيلان، لتدارس كيفيَّة تطبيق الاستفتاء على اللائحة باعتبارها ليست شأناً عاماً يُستفتى فيه عموم المواطنين؛ فالمؤكَّد أنَّ من سيقوِّمون اللائحة من العموم دون خلفيَّة في مجالها سيوجِدون إشكالات بأضعاف ما كان عليه الواقع من قبل، ولكن يمكن أن يُسْتَفْتَى عليها من تعنيهم اللائحةُ توجُّهاتٍ واهتماماتٍ من: 1) أعضاء مجالس إدارات الأندية الأدبيَّة 2) أعضاء الجمعيَّات العموميَّة للأندية الأدبيَّة 3) أساتذة الأدب في جامعات الوطن 4) الأدباء في قوائم الوزارة من غير أولئك 5) المستشارون القانونيُّون في وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي ووزارة الشؤون الاجتماعيَّة من ذوي الميول الأدبيَّة باعتبارها وزارات لديها جمعيَّات لها لوائحها التنظيميَّة أيضاً، وأن تشكَّل لجنةٌ لمراقبة الاستفتاء ودراسة ما يأتي به من مقترحات ومرئيَّات من خمسة من أعضاء لجنة تعديل لائحة الأندية الأدبيَّة، وخمسة من شرائح الاستفتاء المقترحة، وفي ضوء الاستفتاء تعدَّل اللائحة من قِبلهم، بل ويمكن أن يُنجِزَ أولئك برنامجَ الاستفتاء وأن يحكَّم من قِبل آخرين قبل تطبيقه.