يلجأ أغلب المتخصصين في سرقة السيارات إلى الاستراحات أو تشاليح بيع السيارات المصدومة وقطع الغيار، لتفكيكها وتقطيعها وبيعها كقطع غيار مستخدمة ومن ثم كبسها، ويمارس هذا النشاط من قبل العمالة الأجنبية الوافدة مجهولي الهوية أو آخرين يعملون على الرغم من عدم توافق المهن المسجلة في إقاماتهم مع الأعمال التي يمارسونها ، وقد لا يعلم الكفيل أو يدعي أنه لايعلم بأن عامله يعمل في مدينة أخرى قد تبعد عن مدينته من 500 إلى 1400 كيلو متر وفي مهن مخالفة لمهنته الأساسية التي استقدم من أجلها . ويتواجدون في معظم محال التشاليح مجهولة الهوية والتي لا يوجد فيها لوحة معلقة على المحل توضح اسمه واسم مالكه وعنوانه ورقم تصريحه ، بينما شكلوا عصابات ومجموعات يوزعون المهام فيما بينهم ابتداءً من سائق السطحة إلى أن تنتهي بكبسها بمعدات الكبس في أحد التشاليح. ورصدت « الشرق « أثناء جولتها في تشاليح «حائر» بالرياض إحدى السيارات من نوع داتسون نيسان موديل 2008، ملقاة في أرض فضاء بجوار التشاليح تمت سرقتها في الثالث عشر من صفر الجاري من حي العليا بالرياض وقد تم تشليح أغلب أجزائها وتبقى الحوض (الصندوق) وبعض الأجزاء البسيطة ، كما تم نزع رقم هيكلها من أحد قوائم السيارة في حين كانت أوراق صاحب السيارة وبعض من مستلزماته الشخصية ملقاه تحت السيارة . وأثناء مشاهدة « الشرق « حضرت الجهات الأمنية ممثلة في إدارة التحريات والبحث الجنائي ليتحققوا من أمر وسبب تواجدها ، كونهم يراقبون الموقع بعد أن وجدوا بقايا السيارة الداتسون ملقاة في أرض عامة يوم الأربعاء واتضح بعد تحريهم عنها أنها مسروقة فتمت مراقبة الموقع كي يتم القبض على المتورطين في سرقتها وتشليحها والكشف عن أطراف الجريمة وذلك لأن الجاني قد يعود إلى مكان الجريمة وأيضاً لأنه يوجد أجزاء ثمينة ملقاة سيتم أخذها على دفعات. وأشار رجال البحث والتحري إلى أن هذا أسلوب أغلب منفذي السرقات يلقونها بجوار التشاليح على بعد 200 إلى 500 متر ويتم بعد ذلك أخذ القطع على فترات مختلفة خصوصاً في المساء . إلا أن أساليبهم باتت مكشوفة وأصبح رجال البحث على دراية وعلم بمخططاتهم وساعدهم على ذلك بعض من تم القبض عليهم أدلوا بمعلومات أثناء التحقيق معهم عن أماكن تواجدهم والأوقات التي ينشطون فيها لتنفيذ أعمالهم. وقال قائد الفرقة الأمنية إلى أن أكثر من 600 عامل مخالف لأنظمة الإقامة والعمل تم تسليمهم خلال أربعة أشهر الماضية إلى مراكز الشرطة والجوازات ، كما أنهم يتفاجأون بعد فترة بسيطة بعد القبض عليهم من تواجدهم مرة أخرى أي يتم إطلاق سراحهم بطريقة أو أخرى وهذا ما زاد من تزايد أعدادهم لعدم تطبيق نظام صارم وصريح يحد من انتشارهم ويتعامل معهم بحزم دون تهاون. وأشارالقائد أنهم غالباً يقبضون على أكثر من سيارة ويتراوح عددها خمس إلى ست سيارات تمت سرقتها من أماكن متفرقة في حوش تشليح واحد ، كما أن أغلب محال التشاليح خصوصاً المجهولة يتم تقطيع السيارات المسروقة فيها في أقل من نصف ساعة ويتعاملون مع عصابات يوفرون لهم السيارات بنصف قيمتها في السوق. كما أنهم يزرعون مصادرهم عند مداخل التشليح ومراقبة السطحات المشبوهة للحد من انتشار الظاهرة التي بدأت تظهر للعيان. ويضيف بأن العاملين في المحال لديهم شفرات يستخدمونها أثناء مكالماتهم عند رؤيتهم لرجال البحث والتحري ك « جانا الهوى « وأخرى عند تأكدهم من مغادرتهم ك « اقلي البيض « . وشاهدت « الشرق « أثناء تجوالها أحد الأوكار بين محال التشاليح لكبس السيارات المسروقة ، تم وضع هيكل سيارة باص كحاجز لسد المدخل المؤدي إلى الحوش وتتم إزالته بواسطة رافعة عندما يريدون إدخال السيارات ، وذلك لمنع مرور أي سيارة أو شخص لايعرفونه ويقع هذا الوكر على حافة وادي الأمر الذي يساعدهم على الهروب عند مداهمتهم من قبل الجهات الأمنية أو عند اشتباههم بقدوم أي شخص. كما أن هذا الحوش يتعامل مع شركة «تحتفظ الشرق باسمها» متخصصة في سحب السيارات التالفة أو الملقاة في الأماكن العامة وذلك عن طريق تعاقد أمانة منطقة الرياض مع الشركة لإزالة السيارات التالفة من خلال شراء السيارات المسحوبة من بعض المسؤولين في الشركة حسب نوع وموديل السيارة ويتم إيداع المبالغ في حساباتهم الشخصية بحكم صلة القرابة التي تربطهم أو المصالح المشتركة في أحيان أخرى ، ورصدت كاميرا « الشرق « إحدى السيارات ملصق عليها إشعار من أمانة منطقة الرياض. وعند سؤال الشرق أحد العاملين في الحوش (إبراهيم الدريويش سوري الجنسية) والقادم من حفر الباطن عن مصدر هذه السيارات أفاد بأنه لايعلم من أين مصادرها وبعد محاولات أخبر بأنه تم شراؤها من الشركة المتخصصة في سحب السيارات وعند سؤاله عن طريقة الشراء وهل تم إيداع المبلغ في حساب الشركة أفاد بأنه تم إيداع المبلغ في حساب ابن عم مدير الحوش والذي يعمل في الشركة ، وعند تحري « الشرق « من مصادر مطلعة أكدوا صحة هذه المعلومات كما أنه يوجد حوش آخر بالقرب منه يعمل بالطريقة نفسها ويعملون تحت مظلة الشركة التي تم التعاقد معها من قبل أمانة الرياض وهذا مايساعدهم على زيادة نشاطهم بناءً على إفادات المصادر ذاتها. من جهة أخرى أشارت مصادر أمنية إلى أنها قبضت على سيارات سليمة داخل تلك الأحواش أصحابها لا يعلمون بها وتم تسليمها لهم بعد التحري والاتصال عليهم . وأفادوا بوجود أحواش مجهولة الهوية تمارس النشاط ذاته وعند محاولة ضبط بعض الحالات يتضح أنهم يعملون لصالح الشركة المعنية بسحب السيارات التالفة ويبرزون أوراق ثبوتية من شيخ التشاليح والتي تحتوي على بيانات ومعلومات مكررة ولانتسطيع أن نتحرى من صحة المعلومات المسجلة ومطابقتها بالمسجلة على هيكل السيارة وذلك لأنه تم كبسها وعدم وضوح معلوماتها . كما تم رصد أحواش يضعون هياكل الباصات كحاجز لمنع رؤية ما بداخل الأحواش والتي اتضح أنها تمارس الأدوار نفسها . محال تشليح مجهولة الهوية وليس عليها لوحات توضح اسم المحل ورقم تصريحه أو اسم مالكه. بينما تم رصد محال تشاليح تبيع إطارات وجنوط مستعملة وأخرى تحوي على أوكار لتسكين العمالة المخالفة ، ومطاعم مخالفة تعمل دون تصريح ، إضافةً إلى عمالة تبيع الخضار والفواكه. كما تمت مشاهدة أحواش تحتوي على أثاث منزلي ومعدات وأجهزة متنوعة ليس لها أي صلة بقطع السيارات مجهولة الهوية والمصدر وتواجد عمالة أجنبية بداخلها أثناء تحميلهم أثاث في إحدى سيارات النقل ولم يتجاوب العاملون لأسئلة واستفسارات « الشرق « . ومن جانبهم أشاد أصحاب محال التشاليح منهم بداح السبيعي بدور جهاز البحث والتحري في إلقاء القبض على العمالة الوافدة المتخصصة في سرقة السيارات وتشليحها ، وقال « لا يوجد أحد يثير قلق هذه الفئة سوى جهاز البحث والتحري» والذي يفاجئهم دوماً بمداهمته لأوكارهم والقبض عليهم. يذكر أنه يوجد مبنى في التشاليح لنقطة أمنية مشتركة تضم الجوازات والمرور والدوريات الأمنية والبحث والتحري وغيرها من جهات الاختصاص. تم إنشاؤه قبل أكثر من عامين ولكن لم يتم تسليمه إلى الجهات الأمنية حتى تاريخه دون معرفة أسباب التأخير حسب إفادة مصدر أمني على الرغم من جاهزيته كما أن أجزاء من المبنى بدأت تتصدع . ويتساءل ذات المصدر من عدم توضيح أسباب التأخير ومن المستفيد من ذلك؟. إحدى السيارات ملصق عليها شعار بلدية الرياض الزميل عائض لحظة معاينة أوراق السيارة المسروقة السيارات المسروقة التي تم سحقها لعدم التعرف عليها من قبل الجهات المعنية (تصوير حسن المباركي)