بيَّن الأستاذ المشارك في قسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبدالله ناصر الحمود، في الحلقة النقاشية التي عُقدت صباح أمس عن «الواقع المتردي لاستخدام اللغة العربية في الإعلام العربي والخليجي»، أنه أدرك الواقع المشين للغتنا الإعلامية من خلال متابعة وسائل الإعلام العربية والخليجية المسموعة منها والمقروءة والمرئية، وكان ذلك ضمن فعاليات الملتقى التنسيقي للجامعات والمؤسسات المعنية باللغة العربية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي اختُتم مساء أمس في الرياض. وقال الحمود بأنه كان يسأل المغردين الخليجيين في تويتر عن حال اللغة العربية في إعلامهم الخليجي كما يرونها. ثم يضع ما يرونه من حالها على طاولة النقاش في هذه الحلقة العلمية المهمة جداً في تاريخنا العربي المعاصر. وبيّن الحمود أن المشاركين في تعبئة الاستبيان يرون أن استخدام الإعلام الخليجي للغة العربية الفصحى مقابل استخدامه للغات أخرى أو لهجات محلية يختلف من فئة برامجية إلى أخرى. ففي حين يبرز استخدام الفصحى في البرامج الإخبارية والحوارية السياسية والثقافية بشكل عام، تسود الازدواجية اللغوية في البرامج المنوعة والرياضية والمسلسلات والأفلام. غير أن المشاركين، مع هذه الرؤية الموضوعية، عبروا عن قلقهم تجاه ازدواجية اللغة في الإعلام الخليجي، ورأت النسبة الغالبة أن الإعلام الخليجي يواجه مشكلة حقيقية جراء الازدواجية اللغوية. يكاد يجمع المشاركون في تعبئة الاستبيان على أمرين مهمين جداً: الأول، تفضيل استخدام اللغة العربية الفصحى في الإعلام، والثاني صعوبة تطبيق الأمر، لأن اللهجات المحلية شائعة في الحياة العامة للناس. أما المؤيدون لاستخدام اللغة الفصحى فيعيدون السبب إلى أن اللغة العربية لغة القرآن الكريم، ولتيسير التواصل بين الشعوب العربية كافة. وأشار الحمود إلى أن المشاركين كافة اتفقوا على أن ازدواجية اللغة في الحياة اليومية هي أهم أسباب ازدواجية اللغة في الإعلام الخليجي، ويسود شعور عام لدى المشاركين بعدم التفاؤل لمستقبل استخدام اللغة العربية الفصحى في الإعلام الخليجي. وطالب الحمود بدعم برامج تبادل البرامج الناجحة بين دول المجلس، وبخاصة تلك التي تضع من اللغة العربية الفصحى منهجية لها. كما أنه من المهم تدريب وتأهيل الإعلاميين الخليجيين وبالذات المعدين ومقدمي البرامج. وأن تكون الإجادة التامة للغة العربية أحد شروط القبول في أقسام الإعلام في الجامعات الخليجية. ومع تقديم عدد من المقترحات يقر معظم المشاركين بأن إجادة الإعلام الخليجي للغة العربية والتحلل من مشكلة الازدواجية اللغوية مرهون بتنمية شاملة في الفكر والثقافة، لأن اللغة ليست سوى انعكاس لحال الناس، ووسيلة للتعبير عن مكنوناتهم النفسية والاجتماعية والثقافية. وشدد الدكتور عدنان جاسم بومطيع من جامعة البحرين في نفس الجلسة الصباحية على أن الإعلام يقوم على الاستخدام الكثيف للغة، وبيَّن أنه لما كانت اللغة العربية هي اللغة الأساسية والرسمية لدول مجلس التعاون الخليجي، فقد استطاعت بمرونتها وحيويتها أن تكون لغة الإعلام الأولى في وسائل الإعلام بوسائلها واستخداماتها كافة، وبالرغم من تحديد الإنجليزية بوصفها لغة أساسية ومستخدمة في وسائل إعلامية متعددة، إلا أن ظاهرة الازدواجية اللغوية ظلت ماثلة في وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية. حيث أضحت اللغة العربية أمام تحديين كبيرين تمثلا في: الانتشار الطاغي للغة الإنجليزية من جهة، ومن جانب آخر اعتماد اللهجات المحلية بوصفها لغة تخاطب في المسلسلات الإذاعية والتليفزيونية على سبيل المثال. وقدم بومطيع رصداً لظاهرة ازدواجية اللغة بعرض إيجابياتها وسلبياتها وطرق المحافظة على اللغة العربية في الاستخدام الخليجي الإعلامي العام. وذلك سعياً للحفاظ على هوية المنطقة العربية والإسلامية من الذوبان أمام الإعلام المعلوماتي الطاغي القادم من الشرق والغرب على حد سواء. وتناولت الدكتورة ليلى السبعان من جامعة الكويت عمل المتحدثين في أجهزة الإعلام، وقالت إنهم يتخذون أكثر من مستوى لغوي في الأحاديث والخطب والمقابلات الإذاعية في الظروف المختلفة، ولعل أكثر الأمثلة وضوحاً؛ نشأة اللغة الوسطى أو «فصحى العصر»، وهي لغة وسطى بين الفصحى القديمة والعامية الدارجة، وتستخدم «فصحى العصر» التي تتسم بالازدواجية في المواضيع العلمية والمعرفية، وهي التي تتسرب من الفصحى التقليدية، في حين تندرج «برامج الشباب والرياضة والبرامج الحوارية المباشرة» على الهواء مباشرة، تحت شبه الفصحى، أما من حيث اللغة الموجهة لها هذه البرامج فهي للناس عامة، كما أن هناك مواد لغوية مكتوبة باللغة الفصحى أصلاً، كالتمثيليات والبرامج الدينية والتاريخية، وفي حين أن هناك مواد لغوية مترجمة عن لغة أجنبية، ويتمثل هذا في جزء كبير من نشرات الأخبار السياسية، وبعض البرامج العلمية المنقولة عن كتب ودوريات وإذاعات ووكالات أجنبية تختص بها أجهزة الإعلام.